لَا يَمْنَعُ تَمَامَ الصَّفْقَةِ؛ لِأَنَّ تَمَامَهَا بِرِضَا الْعَاقِدِ لَا بِرِضَا الْمَالِكِ، وَهَذَا إذَا كَانَ بَعْدَ الْقَبْضِ، أَمَّا لَوْ كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّ مَا بَقِيَ لِتَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ قَبْلَ التَّمَامِ. قَالَ (وَإِنْ كَانَ ثَوْبًا فَلَهُ الْخِيَارُ)؛ لِأَنَّ التَّشْقِيصَ فِيهِ عَيْبٌ وَقَدْ كَانَ وَقْتَ الْبَيْعِ حَيْثُ ظَهَرَ الِاسْتِحْقَاقُ، بِخِلَافِ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ. .
(قَالَ: وَمَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً فَوَجَدَ بِهَا قُرْحًا فَدَاوَاهُ أَوْ كَانَتْ دَابَّةً فَرَكِبَهَا فِي حَاجَةٍ فَهُوَ رِضًا)؛ لِأَنَّ ذَلِكَ دَلِيلُ قَصْدِهِ الِاسْتِبْقَاءَ بِخِلَافِ خِيَارِ الشَّرْطِ؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ هُنَاكَ لِلِاخْتِبَارِ وَأَنَّهُ بِالِاسْتِعْمَالِ فَلَا يَكُونُ الرُّكُوبُ
افْتَرَقَ بَقِيَ الْعَقْدُ صَحِيحًا، فَعُلِمَ أَنَّ تَمَامَ الْعَقْدِ يَسْتَدْعِي تَمَامَ رِضَا الْعَاقِدِ لَا الْمَالِكِ (وَهَذَا) أَيْ كَوْنُ الِاسْتِحْقَاقِ لَا يُوجِبُ خِيَارَ الرَّدِّ إذَا كَانَ بَعْدَ الْقَبْضِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ قَبْلَهُ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّ الْبَاقِيَ لِتَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ قَبْلَ التَّمَامِ، وَهَذَا يُرْشِدُك إلَى أَنَّ تَمَامَ الصَّفْقَةِ يَحْتَاجُ إلَى رِضَا الْعَاقِدِ وَقَبْضِ الْمَبِيعِ، وَانْتِفَاءُ أَحَدِهِمَا يُوجِبُ عَدَمَ تَمَامِهَا، وَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ ثَوْبًا وَاحِدًا وَقَدْ قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي ثُمَّ اُسْتُحِقَّ بَعْضُ الثَّوْبِ فَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ فِي رَدِّ مَا بَقِيَ، لِأَنَّ التَّشْقِيصَ فِي الثَّوْبِ عَيْبٌ لِأَنَّهُ يَضُرُّ فِي مَالِيَّتِهِ وَالِانْتِفَاعِ بِهِ. فَإِنْ قِيلَ: حَدَثَ بِالِاسْتِحْقَاقِ عَيْبٌ جَدِيدٌ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَمِثْلُهُ يَمْنَعُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ. أَجَابَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ (وَقَدْ كَانَ وَقْتَ الْبَيْعِ) يَعْنِي أَنَّهُ لَيْسَ بِحَادِثٍ فِي يَدِهِ بَلْ كَانَ فِي يَدِ الْبَائِعِ حَيْثُ ظَهَرَ الِاسْتِحْقَاقُ فَلَا يَكُونُ مَانِعًا، بِخِلَافِ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ فَإِنَّ التَّشْقِيصَ لَيْسَ بِعَيْبٍ فِيهِمَا حَيْثُ لَا يَضُرُّ، وَتَنَبَّهْ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ تَجِدْ حُكْمَ الْعَيْبِ وَالِاسْتِحْقَاقِ سِيَّيْنِ قَبْلَ الْقَبْضِ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ: أَعْنِي فِيمَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ أَوْ غَيْرِهِمَا. أَمَّا الْعَيْبُ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا الِاسْتِحْقَاقُ فَلِقَوْلِهِ أَمَّا إذَا كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الْقَبْضِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الْبَاقِيَ لِتَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ قَبْلَ التَّمَامِ، وَتَجِدُ حُكْمَهُمَا بَعْدَ الْقَبْضِ كَذَلِكَ إلَّا فِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ لِأَنَّهُ ذُكِرَ فِي الْعَبْدَيْنِ وَلِهَذَا لَوْ اُسْتُحِقَّ أَحَدُهُمَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الْآخَرَ، وَقَالَ فِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ رَدَّهُ كُلَّهُ أَوْ أَخَذَهُ، وَمُرَادُهُ بَعْدَ الْقَبْضِ. ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ اُسْتُحِقَّ الْبَعْضُ لَا خِيَارَ لَهُ فِي رَدِّ مَا بَقِيَ.
قَالَ (وَمَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً فَوَجَدَ بِهَا قُرْحًا فَدَاوَاهُ الْمُشْتَرِي)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute