للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعِنْدَهُ لَا يَرُدُّهُ بِدُونِ رِضَا الْبَائِعِ لِلْعَيْبِ الْحَادِثِ وَيَرْجِعُ بِرُبْعِ الثَّمَنِ، وَإِنْ قَبِلَهُ الْبَائِعُ فَبِثَلَاثَةِ الْأَرْبَاعِ؛ لِأَنَّ الْيَدَ مِنْ الْآدَمِيِّ نِصْفُهُ وَقَدْ تَلِفَتْ بِالْجِنَايَتَيْنِ وَفِي إحْدَاهُمَا رُجُوعٌ فَيَتَنَصَّفُ؛ وَلَوْ تَدَاوَلَتْهُ الْأَيْدِي ثُمَّ قُطِعَ فِي يَدِ الْأَخِيرِ رَجَعَ الْبَاعَةُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ عِنْدَهُ كَمَا فِي الِاسْتِحْقَاقِ، وَعِنْدَهُمَا يَرْجِعُ الْأَخِيرُ عَلَى بَائِعِهِ وَلَا يَرْجِعُ بَائِعُهُ عَلَى بَائِعِهِ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْعَيْبِ

الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِرُبْعِ الثَّمَنِ لِأَنَّهَا قُطِعَتْ بِالسَّبَبَيْنِ فَيَرْجِعُ بِمَا يُقَابِلُ نِصْفَ الْيَدِ، وَإِنْ قَبِلَ يَرْجِعُ بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الثَّمَنِ لِأَنَّ الْيَدَ نِصْفُ الْآدَمِيِّ وَتَلِفَتْ بِالْجِنَايَتَيْنِ، وَفِي إحْدَاهُمَا الرُّجُوعُ عَلَى الْبَائِعِ فَيُقْسَمُ النِّصْفُ عَلَيْهِمَا بِنِصْفَيْنِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ يَرْجِعُ فِيهِ عَلَى الْبَائِعِ فَيَرُدُّهُ الْعَبْدُ عَلَيْهِ. فَإِنْ قِيلَ: إذَا حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي عَيْبٌ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ فَقَبِلَهُ الْبَائِعُ كَذَلِكَ رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ فَلِمَ لَمْ يَكُنْ هُنَا كَذَلِكَ؟ أُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ نَظَرًا إلَى جَرَيَانِهِ مَجْرَى الِاسْتِحْقَاقِ، وَمَا ذَكَرْتُمْ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ.

فَإِنْ قِيلَ: أَلَا تَذْكُرُونَ مَا تَقَدَّمَ أَنَّ حُكْمَ الْعَيْبِ وَالِاسْتِحْقَاقِ يَسْتَوِيَانِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ فِي غَيْرِ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ فَمَا الَّذِي أَوْجَبَ الِاخْتِلَافَ هَاهُنَا بَيْنَهُمَا؟ قُلْنَا: بَلَى لَكِنْ لَيْسَ كَلَامُنَا الْآنَ فِيهِمَا بَلْ فِيمَا يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِحْقَاقِ وَالْمَعِيبِ، وَمَا يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الشَّيْءِ لَا يَلْزَمُ أَنْ يُسَاوِيَهُ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ فَعَسَى يَكْفِي شَبَهًا بَيْنَ مَا نَحْنُ فِيهِ، وَالِاسْتِحْقَاقُ كَوْنُ الْعَقْدِ غَيْرَ مُتَنَاوِلٍ لِيَنْتَقِضَ الْقَبْضُ مِنْ الْأَصْلِ لِمَا مَرَّ آنِفًا. قَالَ: وَلَوْ تَدَاوَلَتْهُ الْأَيْدِي: يَعْنِي بَعْدَ وُجُودِ السَّرِقَةِ مِنْ الْعَبْدِ فِي يَدِ الْبَائِعِ. إذَا تَدَاوَلَتْهُ الْأَيْدِي بِالْبِيَاعَاتِ ثُمَّ قُطِعَ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْأَخِيرِ تَرْجِعُ الْبَاعَةُ وَهُوَ جَمْعُ بَائِعٍ كَالْحَاكَةِ جَمْعُ حَائِكٍ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ كَمَا فِي الِاسْتِحْقَاقِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَتِهِ، وَعِنْدَهُمَا يَرْجِعُ الْأَخِيرُ عَلَى بَائِعِهِ وَلَا يَرْجِعُ بَائِعُهُ عَلَى بَائِعِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>