(وَإِذَا كَانَ أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ أَوْ كِلَاهُمَا مُحَرَّمًا فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ كَالْبَيْعِ بِالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْخَمْرِ، وَكَذَا إذَا كَانَ غَيْرَ مَمْلُوكٍ كَالْحُرِّ)
تَأْخِيرُ غَيْرِ الصَّحِيحِ عَنْ الصَّحِيحِ لَعَلَّهُ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَى تَنْبِيهٍ، وَلُقِّبَ الْبَابُ بِالْفَاسِدِ وَإِنْ كَانَ مُشْتَمِلًا عَلَيْهِ وَعَلَى الْبَاطِلِ لِكَثْرَةِ وُقُوعِهِ بِتَعَدُّدِ أَسْبَابِهِ. وَالْبَاطِلُ هُوَ مَا لَا يَكُونُ صَحِيحًا أَصْلًا وَوَصْفًا، وَالْفَاسِدُ هُوَ مَا لَا يَصِحُّ وَصْفًا، وَكُلُّ مَا أَوْرَثَ خَلَلًا فِي رُكْنِ الْمَبِيعِ فَهُوَ مُبْطِلٌ، وَمِمَّا أَوْرَثَهُ فِي غَيْرِهِ كَالتَّسْلِيمِ وَالتَّسَلُّمِ الْوَاجِبَيْنِ بِهِ وَالِانْتِفَاعِ الْمَقْصُودِ مِنْهُ وَعَدَمِ الْإِطْلَاقِ عَنْ شَرْطٍ لَا يَقْتَضِيهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَهُوَ مُفْسِدٌ، وَعَلَى هَذَا تُفَصَّلُ الْمَسَائِلُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْكِتَابِ فَيُقَالُ: الْبَيْعُ بِالْمَيْتَةِ لُغَةٌ وَهُوَ الَّذِي مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ، وَالدَّمُ وَالْحُرُّ بَاطِلٌ لِانْعِدَامِ الرُّكْنِ وَهُوَ مُبَادَلَةُ الْمَالِ بِالْمَالِ بِالتَّرَاضِي، لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ لَا تُعَدُّ مَالًا عِنْدَ أَحَدٍ مِمَّنْ لَهُ دِينٌ سَمَاوِيٌّ، وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا بِقَوْلِنَا لُغَةٌ لِتَخْرُجَ الْمَخْنُوقَةُ وَأَمْثَالُهَا كَالْمَجْرُوحَةِ بِالْمَذْبُوحَةِ فِي غَيْرِ الْمَذْبَحِ فَإِنَّ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الذَّبِيحَةِ عِنْدَنَا، وَلِهَذَا إذَا بَاعُوا ذَلِكَ فِيمَا بَيْنَهُمْ جَازَ. ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّجْنِيسِ وَإِنْ كَانَ مَيْتَةً عِنْدَنَا، بِخِلَافِ الْمَيْتَةِ حَتْفَ أَنْفِهِ فَإِنَّ بَيْعَهُ فِيمَا بَيْنَهُمْ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِمَالٍ عِنْدَهُمْ، وَعَلَى هَذَا يَكُونُ قَوْلُهُ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ فَاللَّامُ الِاسْتِغْرَاقِ عَلَى عُمُومِهِ فِي بِيَاعَاتِ الْمُسْلِمِينَ وَغَيْرِهِمْ وَالْبَيْعُ بِالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ فَاسِدٌ لِوُجُودِ حَقِيقَتِهِ وَهِيَ مُبَادَلَةُ الْمَالِ بِالْمَالِ، فَإِنَّهُ أَيْ الْمَذْكُورَ مِنْ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْكُفْرِ، وَإِنَّمَا أَوَّلْنَا بِذَلِكَ لِأَنَّهُ مَالٌ عِنْدَنَا بِلَا خِلَافٍ لَكِنَّهُ لَيْسَ بِمُتَقَوِّمٍ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ أَبْطَلَ تَقَوُّمَهَا فِي حَقِّ الْمُسْلِمِينَ لِئَلَّا يَتَمَوَّلُوهَا كَمَا أَبْطَلَ قِيمَةَ الْجَوْدَةِ بِانْفِرَادِهَا فِي حَقِّ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ، وَلَوْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute