وَالْوَذَارِيُّ والزندنيجي عَلَى مَا قَالُوا جِنْسَانِ مَعَ اتِّحَادِ أَصْلِهِمَا. .
قَالَ (وَمَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ
يَتَعَلَّقُ بِالْمُسَمَّى وَيَبْطُلُ بِانْعِدَامِهِ.
وَإِذَا قَالَ بِعْتُك هَذِهِ الْجَارِيَةَ فَإِذَا هِيَ غُلَامٌ بَطَلَ الْبَيْعُ لِفَوَاتِ التَّسْمِيَةِ الَّتِي هِيَ أَبْلَغُ فِي التَّعْرِيفِ مِنْ الْإِشَارَةِ، فَإِنَّ التَّسْمِيَةَ لِبَيَانِ الْمَاهِيَّةِ يَعْنِي مَوْصُوفًا بِصِفَةٍ، وَالْإِشَارَةُ لِتَعْرِيفِ الذَّاتِ يَعْنِي مُجَرَّدًا عَنْ بَيَانِ صِفَةٍ، وَالْأَبْلَغُ فِي التَّعْرِيفِ أَقْوَى، وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَكُونَانِ جِنْسًا وَاحِدًا فَالْعَقْدُ يَتَعَلَّقُ بِالْمُشَارِ إلَيْهِ وَيَنْعَقِدُ لِوُجُودِهِ، لِأَنَّ الْعِبْرَةَ إذْ ذَاكَ لِلْإِشَارَةِ لَا لِلتَّسْمِيَةِ، لِأَنَّ مَا سُمِّيَ وُجِدَ فِي الْمُشَارِ إلَيْهِ فَصَارَ حَقُّ التَّسْمِيَةِ مَقْضِيًّا بِالْمُشَارِ إلَيْهِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا تَمَامَ ذَلِكَ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ فِي تَعْلِيمِ مُحَمَّدٍ ﵀: إذَا بَاعَ كَبْشًا فَإِذَا هُوَ نَعْجَةٌ صَحَّ الْبَيْعُ لَكِنَّهُ يَتَخَيَّرُ لِفَوَاتِ الْوَصْفِ الْمَرْغُوبِ، فَإِنَّهُ إذَا خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ مُعَرِّفًا جُعِلَ لِلتَّرْغِيبِ حَذَرًا عَنْ الْإِلْغَاءِ فَصَارَ كَمَنْ اشْتَرَى عَبْدًا عَلَى أَنَّهُ خَبَّازٌ فَإِذَا هُوَ كَاتِبٌ فَهُوَ بِالْخِيَارِ. وَقَدْ يُشِيرُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ إلَى ثُبُوتِ خِيَارِ الْمُشْتَرِي عِنْدَ فَوَاتِ الْوَصْفِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِكَوْنِهِ أَنْقَصَ، لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ صِفَةَ الْخَبْزِ لَا تَرْبُو عَلَى الْكِتَابَةِ. وَقَدْ ذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحِيطِ وَالْعَتَّابِيُّ كَذَلِكَ.
وَقَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ وَأَخُوهُ صَدْرُ الْإِسْلَامِ وَالصَّدْرُ الشَّهِيدُ: إنَّ الْمَوْجُودَ إنْ كَانَ أَنْقَصَ مِنْ الْمَشْرُوطِ الْفَائِتِ كَانَ لَهُ الْخِيَارُ، وَإِنْ كَانَ زَائِدًا فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي. وَنَصَّ الْكَرْخِيُّ عَلَى ذَلِكَ فِي مُخْتَصَرِهِ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَجْهٌ. أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَدْ يَكُونُ مُحْتَاجًا إلَى خَبَّازٍ فَبِإِلْزَامِ الْكَاتِبِ يَتَضَرَّرُ فَلَا يَتِمُّ مِنْهُ الرِّضَا. وَأَمَّا الثَّانِي فَلِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا وَجَدَ الثَّوْبَ الْمُسَمَّى عَشَرَةً تِسْعَةً خُيِّرَ، وَإِنْ وَجَدَ أَحَدَ عَشَرَ فَهُوَ لَهُ بِلَا خِيَارٍ.
قَالَ (وَمَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute