وَلَنَا قَوْلُ عَائِشَةَ ﵂: لِتِلْكَ الْمَرْأَةِ وَقَدْ بَاعَتْ بِسِتِّمِائَةٍ بَعْدَمَا اشْتَرَتْ بِثَمَانِمِائَةٍ: بِئْسَمَا شَرَيْت وَاشْتَرَيْت، أَبْلَغِي زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَبْطَلَ حَجَّهُ وَجِهَادَهُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إنْ لَمْ يَتُبْ؛ وَلِأَنَّ الثَّمَنَ لَمْ يَدْخُلْ فِي ضَمَانِهِ فَإِذَا وَصَلَ إلَيْهِ الْمَبِيعُ وَوَقَعَتْ الْمُقَاصَّةُ بَقِيَ لَهُ فَضْلُ خَمْسِمِائَةِ وَذَلِكَ بِلَا عِوَضٍ،
كَانَ أَحَدُهُمَا يَعْتَذِرُ إلَى صَاحِبِهِ. وَفِيهِ بَحْثٌ لِجَوَازِ أَنْ يُقَالَ: إلْحَاقُ الْوَعِيدِ لِكَوْنِ الْبَيْعِ إلَى الْعَطَاءِ وَهُوَ أَجَلٌ مَجْهُولٌ.
وَالْجَوَابُ أَنَّهُ ثَبَتَ مِنْ مَذْهَبِهَا جَوَازُ الْبَيْعِ إلَى الْعَطَاءِ وَهُوَ مَذْهَبُ عَلِيٍّ ﵁ فَلَا يَكُونُ كَذَلِكَ، وَلِأَنَّهَا كَرِهَتْ الْعَقْدَ الثَّانِيَ حَيْثُ قَالَتْ: بِئْسَ مَا شَرَيْت مَعَ عَرَائِهِ عَنْ هَذَا الْمَعْنَى، فَلَا يَكُونُ لِذَلِكَ بَلْ لِأَنَّهُمَا تَطَرَّقَا بِهِ إلَى الثَّانِي. فَإِنْ قِيلَ: الْقَبْضُ غَيْرُ مَذْكُورٍ فِي الْحَدِيثِ فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْوَعِيدُ لِلتَّصَرُّفِ فِي الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ. أُجِيبَ بِأَنَّ تِلَاوَتَهَا آيَةَ الرِّبَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لِلرِّبَا لَا لِعَدَمِ الْقَبْضِ. فَإِنْ قِيلَ: الْوَعِيدُ قَدْ لَا يَسْتَلْزِمُ الْفَسَادَ كَمَا فِي تَفْرِيقِ الْوَلَدِ عَنْ الْوَالِدِ بِالْبَيْعِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ مَعَ وُجُودِ الْوَعِيدِ. أُجِيبَ بِأَنَّ الْوَعِيدَ لَيْسَ لِلْبَيْعِ ثَمَّةَ بَلْ لِنَفْسِ التَّفْرِيقِ، حَتَّى لَوْ فُرِّقَ بِدُونِ الْبَيْعِ كَانَ الْوَعِيدُ لَاحِقًا.
وَأَمَّا الثَّانِي فَهُوَ مَا قَالَ إنَّ الثَّمَنَ لَمْ يَدْخُلْ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ لِعَدَمِ الْقَبْضِ، فَإِذَا وَصَلَ إلَيْهِ الْمَبِيعُ وَوَقَعَتْ الْمُقَاصَّةُ بَيْنَ الثَّمَنَيْنِ بَقِيَ لَهُ فَضْلُ خَمْسِمِائَةٍ بِلَا عِوَضٍ وَهُوَ رِبًا فَلَا يَجُوزُ بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَهُ مِنْ غَيْرِهِ لِأَنَّ الرِّبْحَ لَا يَحْصُلُ لِلْبَائِعِ، وَبِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَاهُ الْبَائِعُ بِوَاسِطَةِ مُشْتَرٍ آخَرَ لِأَنَّهُ لَمْ يَعُدْ إلَيْهِ الْمُسْتَفَادُ مِنْ جِهَتِهِ لِأَنَّ اخْتِلَافَ الْأَسْبَابِ بِمَنْزِلَةِ اخْتِلَافِ الْأَعْيَانِ، وَبِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَى بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ لِعَدَمِ الرِّبَا، وَبِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَى بِأَكْثَرَ فَإِنَّ الرِّبْحَ هُنَاكَ يَحْصُلُ لِلْمُشْتَرِي وَالْمَبِيعُ قَدْ دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ، وَبِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَ بِالْعُرُوضِ لِأَنَّ الْفَضْلَ إنَّمَا يَظْهَرُ عِنْدَ الْمُجَانَسَةِ، وَبِخِلَافِ مَا إذَا تَعَيَّبَ الْمَبِيعُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي ثُمَّ اشْتَرَاهُ الْبَائِعُ بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ النُّقْصَانَ يُجْعَلُ فِي مُقَابَلَةِ الْجُزْءِ الْفَائِتِ الَّذِي احْتَبَسَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، وَبِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَى بِدَنَانِيرَ قِيمَتُهَا أَقَلُّ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute