للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ (وَمَنْ بَاعَ عَيْنًا عَلَى أَنْ لَا يُسَلِّمَهُ إلَى رَأْسِ الشَّهْرِ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ)؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ فِي الْمَبِيعِ الْعَيْنِ بَاطِلٌ فَيَكُونُ شَرْطًا فَاسِدًا، وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ شُرِعَ تَرْفِيهًا فَيَلِيقُ بِالدُّيُونِ دُونَ الْأَعْيَانِ.

قَالَ (وَمَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً إلَّا حَمْلَهَا فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ) وَالْأَصْلُ أَنَّ مَا لَا يَصِحُّ إفْرَادُهُ بِالْعَقْدِ لَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاؤُهُ مِنْ الْعَقْدِ، وَالْحَمْلُ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ أَطْرَافِ الْحَيَوَانِ لِاتِّصَالِهِ بِهِ خِلْقَةً

صَفْقَتَيْنِ فِي صَفْقَةٍ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَتْنِ.

قَالَ (وَمَنْ بَاعَ عَيْنًا عَلَى أَنْ لَا يُسَلِّمَهَا إلَى رَأْسِ الشَّهْرِ إلَخْ) الْأَجَلُ فِي الْمَبِيعِ الْعَيْنِ بَاطِلٌ لِإِفْضَائِهِ إلَى تَحْصِيلِ الْحَاصِلِ فَإِنَّهُ شُرِعَ تَرْفِيهًا فِي تَحْصِيلِهِ بِاتِّسَاعِ الْمُدَّةِ، فَإِذَا كَانَ الْمَبِيعُ أَوْ الثَّمَنُ حَاصِلًا كَانَ الْأَجَلُ لِتَحْصِيلِ الْحَاصِلِ، وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِالْعَيْنِ احْتِرَازًا عَنْ السَّلَمِ فَإِنَّ تَرْكَ أَجَلٍ فِيهِ مُفْسِدٌ لِلْحَاجَةِ إلَى التَّحْصِيلِ.

قَالَ (وَمَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً إلَّا حَمْلَهَا إلَخْ). ذَكَرَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ الْعَقْدَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: الْأُولَى مَا فَسَدَ فِيهِ الْعَقْدُ وَالِاسْتِثْنَاءُ وَالثَّانِي مَا صَحَّ فِيهِ الْعَقْدُ وَبَطَلَ الِاسْتِثْنَاءُ. وَالثَّالِثُ مَا صَحَّ فِيهِ كِلَاهُمَا. أَمَّا الْأَوَّلُ فَكَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالْكِتَابَةِ وَالرَّهْنِ، فَإِذَا بَاعَ جَارِيَةً إلَّا حَمْلَهَا أَوْ آجَرَ دَارِهِ عَلَى جَارِيَةٍ إلَّا حَمْلَهَا أَوْ رَهَنَ جَارِيَةً إلَّا حَمْلَهَا أَوْ كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى جَارِيَةٍ إلَّا حَمْلَهَا فَسَدَ الْعَقْدُ لِأَنَّهَا عُقُودٌ تَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ، لِأَنَّ غَيْرَ الْبَيْعِ فِي مَعْنَاهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا مُعَاوَضَةٌ وَالْبَيْعُ يَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ لِمَا تَقَدَّمَ، فَكَذَا مَا فِي مَعْنَاهُ، وَالِاسْتِثْنَاءُ يَصِيرُ شَرْطًا فَاسِدًا فِيهَا فَيُفْسِدُهَا، وَذَلِكَ لِمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْأَصْلِ فِيهِ أَنَّ مَا لَا يَصِحُّ إفْرَادُهُ بِالْعَقْدِ لَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاؤُهُ مِنْ الْعَقْدِ، وَالْحَمْلُ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الْبُيُوعِ، وَهَذَا لِأَنَّ الْحَمْلَ بِمَنْزِلَةِ أَطْرَافِ الْحَيَوَانِ لِاتِّصَالِهِ بِهِ يَنْتَقِلُ بِانْتِقَالِهِ وَيُقَرُّ بِقَرَارِهِ وَبَيْعُ الْأَصْلِ يَتَنَاوَلُهُ. فَالِاسْتِثْنَاءُ يَكُونُ عَلَى خِلَافِ الْمُوجِبِ لِدَلَالَتِهِ عَلَى أَنَّ الْمُسْتَثْنَى مَقْصُودٌ وَدَلَالَةُ الْعَقْدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>