للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِأَنَّهُ مَعْلُومُ الْأَصْلِ؛ أَلَا يُرَى أَنَّهَا تَحْتَمِلُ الْجَهَالَةَ فِي أَصْلِ الدَّيْنِ بِأَنْ تُكْفَلُ بِمَا ذَابَ عَلَى فُلَانٍ فَفِي الْوَصْفِ أَوْلَى، بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ لَا يَحْتَمِلُهَا فِي أَصْلِ الثَّمَنِ، فَكَذَا فِي وَصْفِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَ مُطْلَقًا ثُمَّ أَجَّلَ الثَّمَنَ إلَى هَذِهِ الْأَوْقَاتِ حَيْثُ جَازَ؛ لِأَنَّ هَذَا تَأْجِيلٌ فِي الدَّيْنِ وَهَذِهِ الْجَهَالَةُ فِيهِ مُتَحَمَّلَةٌ بِمَنْزِلَةِ الْكَفَالَةِ، وَلَا كَذَلِكَ اشْتِرَاطُهُ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ.

(وَلَوْ بَاعَ إلَى هَذِهِ

فَعَائِشَةُ كَانَتْ تُجِيزُ الْبَيْعَ إلَى الْعَطَاءِ وَإِنْ احْتَمَلَ التَّقَدُّمَ وَالتَّأَخُّرَ لِكَوْنِهَا يَسِيرَةً، وَابْنُ عَبَّاسٍ مَنَعَهُ وَنَحْنُ أَخَذْنَا بِقَوْلِهِ، وَهَذَا قَدْ يُشِيرُ إلَى أَنَّ الْجَهَالَةَ الْيَسِيرَةَ مَا كَانَتْ فِي التَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ، وَالْفَاحِشَةُ مَا كَانَ فِي الْوُجُودِ كَهُبُوبِ الرِّيحِ مَثَلًا، وَالْبَيْعُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ مُحْتَمِلًا لِلْجَهَالَةِ فِي أَصْلِ الثَّمَنِ لَمْ يَكُنْ مُحْتَمِلًا لَهَا فِي وَصْفِهِ. وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ تَحَمُّلِ أَصْلِ الثَّمَنِ عَدَمُ تَحَمُّلِ وَصْفِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَقْوَى إذْ هُوَ يُوجَدُ بِدُونِ الْوَصْفِ الْخَاصِّ دُونَ عَكْسِهِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ تَحَمُّلِ أَصْلِ الثَّمَنِ الْجَهَالَةَ هُوَ إفْضَاؤُهَا إلَى النِّزَاعِ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي جَهَالَةِ الْوَصْفِ فَيَمْنَعُهُ. وَإِذَا بَاعَ مُطْلَقًا ثُمَّ أَجَّلَ الثَّمَنَ إلَى هَذِهِ الْأَوْقَاتِ صَحَّ لِكَوْنِهِ تَأْجِيلَ الدَّيْنِ (وَهَذِهِ الْجَهَالَةُ مُتَحَمَّلَةٌ فِيهِ بِمَنْزِلَةِ الْكَفَالَةِ) لِعَدَمِ ابْتِنَائِهِ عَلَى الْمُمَاكَسَةِ، وَلَا كَذَلِكَ اشْتِرَاطُهُ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ (لِأَنَّهُ يَفْسُدُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ)

(وَلَوْ بَاعَ إلَى هَذِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>