قَالَ (وَكَذَلِكَ إذَا ادَّعَى عَلَى آخَرَ مَالًا فَقَضَاهُ إيَّاهُ، ثُمَّ تَصَادَقَا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَقَدْ رَبِحَ الْمُدَّعِي فِي الدَّرَاهِمِ يَطِيبُ لَهُ الرِّبْحُ)؛ لِأَنَّ الْخُبْثَ لِفَسَادِ الْمِلْكِ هَاهُنَا؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ وَجَبَ بِالتَّسْمِيَةِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ بِالتَّصَادُقِ، وَبَدَلُ الْمُسْتَحِقِّ مَمْلُوكٌ فَلَا يَعْمَلُ فِيمَا لَا يَتَعَيَّنُ. .
إلَيْهَا وَنَقَدَ مِنْهَا أَوْ أَشَارَ إلَيْهَا وَنَقَدَ مِنْ غَيْرِهَا، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَقَدْ تَعَلَّقَ بِهِ سَلَامَةُ الْمَبِيعِ لِأَنَّهُ هُوَ الْوَاقِعُ ثَمَنًا، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَقَدْ تَعَلَّقَ بِهِ مِنْ حَيْثُ تَقْدِيرُ الثَّمَنِ وَالرِّبْحُ فِي الْأَوَّلِ حَصَلَ بِمِلْكِ الْغَيْرِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ. وَفِي الثَّانِي تَوَسَّلَ إلَيْهِ بِمَالِ الْغَيْرِ لِأَنَّ بَيَانَ جِنْسِ الثَّمَنِ وَقَدْرِهِ وَوَصْفِهِ أَمْرٌ لَا بُدَّ مِنْهُ لِجَوَازِ الْعَقْدِ وَذَلِكَ حَصَلَ بِمَالِ الْغَيْرِ فَيَجِبُ التَّصَدُّقُ بِالرِّبْحِ فِي الْحَقِيقَةِ وَالشُّبْهَةِ جَمِيعًا، وَإِذَا كَانَ الْخَبَثُ لِفَسَادِ الْمِلْكِ انْقَلَبَ حَقِيقَةُ الْخَبَثِ وَهِيَ الَّتِي تَكُونُ فِيمَا يَتَعَيَّنُ إلَى شُبْهَتِهِ، لِأَنَّ حُصُولَ الرِّبْحِ لَمْ يَكُنْ بِمَا هُوَ مِلْكُ الْغَيْرِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، بَلْ بِمَا لَهُ فِيهِ شَائِبَةُ مِلْكٍ تُنَزَّلُ، وَشُبْهَةُ الْخَبَثِ وَهِيَ الَّتِي تَكُونُ فِيمَا لَا يَتَعَيَّنُ إلَى شُبْهَةِ الشُّبْهَةِ، لِأَنَّ تَعَلُّقَ سَلَامَةِ الْمَبِيعِ أَوْ تَقْدِيرَ الثَّمَنِ اللَّذَيْنِ كَانَا شُبْهَةَ خَبَثٍ لِحُصُولِهِمَا بِمَالِ الْغَيْرِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لَمْ يَبْقَ كَذَلِكَ بَلْ بِمَا لَهُ فِيهِ شَائِبَةُ مِلْكٍ وَالشُّبْهَةُ هِيَ الْمُعْتَبَرَةُ لَا النَّازِلُ عَنْهَا. قِيلَ بِالْحَدِيثِ وَهُوَ مَا رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ نَهَى عَنْ الرِّبَا وَالرِّيبَةِ» وَالرِّيبَةُ هِيَ الشُّبْهَةُ وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الشُّبْهَةَ مُعْتَبَرَةٌ. وَإِمَّا أَنَّ شُبْهَةَ الشُّبْهَةِ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ فَلَيْسَ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى ذَلِكَ عَلَى تَقْدِيرِ اخْتِصَاصِ الرِّيبَةِ بِالشُّبْهَةِ لَا غَيْرُ
وَأَمَّا إذَا كَانَ شُبْهَةُ الشُّبْهَةِ أَيْضًا دَاخِلَةً فِي الرِّيبَةِ فَقَدْ يَثْبُتُ بِهِ خِلَافُ الْمُدَّعِي وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّ شُبْهَةَ الشُّبْهَةِ لَوْ اُعْتُبِرَتْ لَاعْتُبِرَ مَا دُونَهَا أَيْضًا دَفْعًا لِلتَّحَكُّمِ، لَكِنْ لَا يَصِحُّ اعْتِبَارُهُ لِئَلَّا يَنْسَدَّ بَابُ التِّجَارَةِ، إذْ قَلَّمَا يَخْلُو عَنْ شُبْهَةِ شُبْهَةِ الشُّبْهَةِ فَمَا دُونَهَا.
قَالَ (وَكَذَلِكَ إذَا ادَّعَى إلَخْ) رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ لِي عَلَيْك أَلْفُ دِرْهَمٍ فَاقْضِهَا فَقَضَاهَا ثُمَّ تَصَادَقَا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَقَدْ تَصَرَّفَ فِيهَا الْمُدَّعِي (وَرَبِحَ طَابَ لَهُ الرِّبْحُ) وَلَا يَجِبُ التَّصَدُّقُ بِهِ لِأَنَّ الْخَبَثَ فِيهِ لِفَسَادِ الْمِلْكِ لِأَنَّ الدَّيْنَ ثَبَتَ بِالتَّسْمِيَةِ بِدَعْوَى الْمُدَّعِي وَأَدَاءِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَمِلْكِ مَا قَبَضَهُ بَدَلًا عَنْهُ فَكَانَ تَصَرُّفُهُ مُصَادِفًا لِمِلْكِهِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute