ثُمَّ الْمَنْعُ مَعْلُولٌ بِالْقَرَابَةِ الْمُحَرِّمَةِ لِلنِّكَاحِ حَتَّى لَا يَدْخُلَ فِيهِ مَحْرَمٌ غَيْرُ قَرِيبٍ وَلَا قَرِيبٌ غَيْرُ مَحْرَمٍ، وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ الزَّوْجَانِ حَتَّى جَازَ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ النَّصَّ وَرَدَ بِخِلَافِ الْقِيَاسِ فَيَقْتَصِرُ عَلَى مَوْرِدِهِ، وَلَا بُدَّ مِنْ اجْتِمَاعِهِمَا فِي مِلْكِهِ
أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ فِي قَطْعِ الِاسْتِئْنَاسِ وَالْمَنْعِ مِنْ التَّعَاهُدِ وَتَرْكِ الْمَرْحَمَةِ وَذَلِكَ مُتَوَعَّدٌ بِقَوْلِهِ ﵊ «مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا» ثُمَّ الْمَنْعُ عَنْ التَّفْرِيقِ إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ اسْتِئْنَاسٍ وَتَعَاهُدٍ يَحْصُلُ بِالْقَرَابَةِ الْمُحَرَّمَةِ لِلنِّكَاحِ بِأَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ الْآخَرِ كَمَا ذَكَرْنَا فِي صَدْرِ الْكَلَامِ بِلَا ضَرَرٍ لِلْمَوْلَى أَوْ الصَّغِيرِ قَصْدًا فَلَا يَدْخُلُ مَحْرَمٌ غَيْرُ قَرِيبٍ وَلَا قَرِيبٌ غَيْرُ مَحْرَمٍ وَلَا مَا لَا مَحْرَمِيَّةَ بَيْنَهُمَا أَصْلًا، حَتَّى لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَخًا رِضَاعِيًّا لِلْآخَرِ أَوْ كَانَ أَمَةً وَالْآخَرُ ابْنَهَا رَضَاعًا أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا وَلَدَ عَمٍّ أَوْ خَالٍ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا زَوْجَ الْآخَرِ جَازَ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ النَّصَّ النَّافِيَ وَرَدَ بِخِلَافِ الْقِيَاسِ، لِأَنَّ الْقِيَاسَ يَقْتَضِي جَوَازَ التَّفْرِيقِ بِوُجُودِ الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ لِلتَّصَرُّفِ مِنْ الْجَمْعِ وَالتَّفْرِيقِ كَمَا فِي الْكَبِيرَيْنِ، وَكُلُّ مَا وَرَدَ مِنْ النَّصِّ بِخِلَافِ الْقِيَاسِ يَقْتَصِرُ عَلَى مَوْرِدِهِ وَمَوْرِدُهُ الْوَالِدَةُ وَوَلَدُهَا وَالْأَخَوَانِ.
قِيلَ: فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ تَنَاقُضٌ، لِأَنَّهُ عُلِّلَ بِقَوْلِهِ وَلِأَنَّ الصَّغِيرَ يَسْتَأْنِسُ بِالصَّغِيرِ، وَقَالَ: ثُمَّ الْمَنْعُ مَعْلُولٌ بِالْقَرَابَةِ الْمُحَرِّمَةِ لِلنِّكَاحِ، ثُمَّ قَالَ: لِأَنَّ النَّصَّ وَرَدَ بِخِلَافِ الْقِيَاسِ، وَمَا كَانَ كَذَلِكَ لَا يَكُونُ مَعْلُولًا فَجَاءَ التَّنَاقُضُ.
وَالْجَوَابُ مَا أَشَرْنَا إلَيْهِ فِي تَفْسِيرِ كَلَامِهِ أَنَّ مَنَاطَ حُكْمِ الْمَنْعِ عَنْ التَّفْرِيقِ إنَّمَا هُوَ اسْتِئْنَاسٌ وَتَعَاهُدٌ يَحْصُلُ بِالْقَرَابَةِ الْمُحَرِّمَةِ لِلنِّكَاحِ بِدُونِ ضَرَرٍ لِلْمَوْلَى أَوْ الصَّغِيرِ قَصْدًا فَهُوَ بَيَانٌ لِمَا عَسَى يَجُوزُ بِهِ إلْحَاقُ الْغَيْرِ بِالدَّلَالَةِ إذَا سَاوَاهُ، لَا بَيَانُ الْوَصْفِ الْجَامِعِ بَيْنَ الْمَقِيسِ وَالْمَقِيسِ عَلَيْهِ، فَلَا تَنَاقُضَ بَيْنَ قَوْلِهِ مَعْلُولٌ عَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ وَبَيْنَ قَوْلِهِ وَرَدَ بِخِلَافِ الْقِيَاسِ. وَإِذَا ظَهَرَ هَذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْقَرَابَةِ وَالْمَحْرَمِيَّةِ، وَلَا مَا فِيهِ ضَرَرٌ مَا يُسَاوِي الْقَرَابَةَ الْمُحَرِّمَةَ لِلنِّكَاحِ وَمَا لَا ضَرَرَ فِيهِ حَتَّى يُلْحَقَ بِهَا. فَلَا يُرَدُّ مَا قِيلَ فِي الْكُتُبِ لَوْ كَانَ مَنْعُ التَّفْرِيقِ مَعْلُولًا بِالْقَرَابَةِ الْمُحَرِّمَةِ لِلنِّكَاحِ لَمَا جَازَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute