وَفِي الْمُرَابَحَةِ لَوْ لَمْ يُحَطَّ تَبْقَى مُرَابَحَةً وَإِنْ كَانَ يَتَفَاوَتُ الرِّبْحُ فَلَا يَتَغَيَّرُ التَّصَرُّفُ فَأَمْكَنَ الْقَوْلُ بِالتَّخْيِيرِ، فَلَوْ هَلَكَ قَبْلَ أَنْ يَرُدَّهُ أَوْ حَدَثَ فِيهِ مَا يَمْنَعُ الْفَسْخَ يَلْزَمُهُ جَمِيعُ الثَّمَنِ فِي الرِّوَايَاتِ الظَّاهِرَةِ؛ لِأَنَّهُ مُجَرَّدُ خِيَارٍ لَا يُقَابِلُهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ كَخِيَارِ الرُّؤْيَةِ وَالشَّرْطِ، بِخِلَافِ خِيَارِ الْعَيْبِ؛ لِأَنَّهُ الْمُطَالَبَةُ بِتَسْلِيمِ الْفَائِتِ فَيَسْقُطُ مَا يُقَابِلُهُ عِنْدَ عَجْزِهِ.
قَالَ (وَمَنْ اشْتَرَى ثَوْبًا فَبَاعَهُ بِرِبْحٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ، فَإِنْ بَاعَهُ مُرَابَحَةً طَرَحَ عَنْهُ كُلَّ رِبْحٍ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ اسْتَغْرَقَ الثَّمَنَ لَمْ يَبِعْهُ مُرَابَحَةً، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀، وَقَالَا: يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً عَلَى الثَّمَنِ الْأَخِيرِ).
صُورَتُهُ: إذَا اشْتَرَى ثَوْبًا بِعَشَرَةٍ وَبَاعَهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِعَشَرَةٍ فَإِنَّهُ يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً بِخَمْسَةٍ وَيَقُولُ قَامَ عَلَيَّ بِخَمْسَةٍ، وَلَوْ اشْتَرَاهُ بِعَشَرَةٍ وَبَاعَهُ بِعِشْرِينَ مُرَابَحَةً ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِعَشَرَةٍ لَا يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً أَصْلًا، وَعِنْدَهُمَا يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً عَلَى الْعَشَرَةِ فِي الْفَصْلَيْنِ، لَهُمَا أَنَّ الْعَقْدَ الثَّانِيَ عَقْدٌ مُتَجَدِّدٌ مُنْقَطِعُ
لَكِنْ يَتَفَاوَتُ الرِّبْحُ فَيَتَخَيَّرُ بِذَلِكَ لِفَوَاتِ الرِّضَا، فَلَوْ هَلَكَ الْمَبِيعُ قَبْلَ أَنْ يَرُدَّهُ أَوْ اسْتَهْلَكَهُ أَوْ حَدَثَ فِيهِ مَا يَمْنَعُ الْفَسْخَ فِي بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ، فَمَنْ قَالَ بِالْحَطِّ كَانَ لَهُ الْحَطُّ (وَمَنْ قَالَ بِالْفَسْخِ لَزِمَهُ جَمِيعُ الثَّمَنِ فِي الرِّوَايَاتِ الظَّاهِرَةِ لِأَنَّهُ مُجَرَّدُ خِيَارٍ لَا يُقَابِلُهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ كَخِيَارِ الشَّرْطِ وَالرُّؤْيَةِ) وَقَدْ تَعَذَّرَ الرَّدُّ بِالْهَلَاكِ أَوْ غَيْرِهِ فَيَسْقُطُ خِيَارُهُ، بِخِلَافِ خِيَارِ الْعَيْبِ حَيْثُ لَا يَجِبُ كُلُّ الثَّمَنِ بَلْ يَنْقُصُ مِنْهُ مِقْدَارُ الْعَيْبِ لِأَجْلِ الْعَيْبِ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ لِلْمُشْتَرِي ثَمَّةَ الْمُطَالَبَةُ بِتَسْلِيمِ الْجُزْءِ الْفَائِتِ فَسَقَطَ مَا يُقَابِلُهُ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ تَسْلِيمِهِ، وَقَيَّدَ بِالرِّوَايَاتِ الظَّاهِرَةِ احْتِرَازًا عَمَّا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ فِي غَيْرِ رِوَايَةِ الْأُصُولِ أَنَّهُ يُفْسَخُ الْبَيْعُ عَلَى الْقِيمَةِ إنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ الْمُشْتَرِي.
قَالَ (وَمَنْ اشْتَرَى ثَوْبًا فَبَاعَهُ بِرِبْحٍ) الْكَلَامُ فِي وَضْعِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَصُورَتِهَا ظَاهِرٌ وَإِنَّمَا الْكَلَامُ فِي دَلِيلِهَا (قَالَا: الْعَقْدُ الثَّانِي عَقْدٌ مُتَجَدِّدٌ مُنْقَطِعُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute