للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَاعْتُبِرَ الْبَيْعُ الثَّانِي عَدَمًا فِي حَقِّ نِصْفِ الرِّبْحِ.

قَالَ (وَمَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً فَاعْوَرَّتْ أَوْ وَطِئَهَا وَهِيَ ثَيِّبٌ يَبِيعُهَا مُرَابَحَةً وَلَا يُبَيِّنُ)؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْتَبِسْ عِنْدَهُ شَيْئًا يُقَابِلُهُ الثَّمَنُ؛ لِأَنَّ الْأَوْصَافَ تَابِعَةٌ لَا يُقَابِلُهَا الثَّمَنُ، وَلِهَذَا لَوْ فَاتَتْ قَبْلَ التَّسْلِيمِ لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ، وَكَذَا مَنَافِعُ الْبُضْعِ لَا يُقَابِلُهَا الثَّمَنُ، وَالْمَسْأَلَةُ فِيمَا إذَا لَمْ يُنْقِصْهَا الْوَطْءُ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ

وَوَجْهُ الْجَوَازِ عِنْدَنَا اشْتِمَالُهُ عَلَى الْفَائِدَةِ فَإِنَّ فِيهِ اسْتِفَادَةَ وِلَايَةِ التَّصَرُّفِ لِأَنَّ بِالتَّسْلِيمِ إلَى الْمُضَارِبِ انْقَطَعَتْ وِلَايَةُ رَبِّ الْمَالِ عَنْ مَالِهِ فِي التَّصَرُّفِ فِيهِ، فَبِالشِّرَاءِ مِنْ الْمُضَارِبِ يَحْصُلُ لَهُ وِلَايَةُ التَّصَرُّفِ وَهُوَ مَقْصُودٌ، وَإِذَا كَانَ مُشْتَمِلًا عَلَى الْفَائِدَةِ يَنْعَقِدُ لِأَنَّ الِانْعِقَادَ يَتْبَعُ الْفَائِدَةَ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ إذَا جَمَعَ بَيْنَ عَبْدِهِ وَعَبْدِ غَيْرِهِ فَاشْتَرَاهُمَا صَفْقَةً وَاحِدَةً جَازَ الْبَيْعُ فِيهِمَا وَدَخَلَ عَبْدُهُ فِي عَقْدِهِ لِفَائِدَةِ انْقِسَامِ الثَّمَنِ، وَأَمَّا أَنَّ فِيهِ شُبْهَةَ الْعَدَمِ فَلِمَا ذَكَرْنَا مِنْ تَعْلِيلِ زُفَرَ، وَقَدْ اسْتَوْضَحَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَعْنِي الْمُضَارِبَ وَكِيلٌ عَنْ رَبِّ الْمَالِ فِي الْبَيْعِ الْأَوَّلِ مِنْ وَجْهٍ، وَعَلَى هَذَا وَجَبَ أَنْ لَا يَجُوزَ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا كَمَا لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ بَيْنَ الْمُوَكِّلِ وَوَكِيلِهِ فِيمَا وَكَّلَهُ فِيهِ، وَإِذَا كَانَ فِيهِ شُبْهَةُ الْعَدَمِ كَانَ الْبَيْعُ الثَّانِي كَالْمَعْدُومِ فِي حَقِّ نِصْفِ الرِّبْحِ لِأَنَّ ذَلِكَ حَقُّ رَبِّ الْمَالِ فَيُحَطُّ عَنْ الثَّمَنِ احْتِرَازًا عَنْ شُبْهَةِ الْخِيَانَةِ وَلَا شُبْهَةَ فِي أَصْلِ الثَّمَنِ وَهُوَ عَشَرَةٌ وَلَا فِي نَصِيبِ الْمُضَارِبِ فَيَبِيعُ مُرَابَحَةً عَلَى ذَلِكَ.

قَالَ (وَمَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً سَلِيمَةً فَاعْوَرَّتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي) بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ أَوْ بِفِعْلِ الْجَارِيَةِ نَفْسِهَا (أَوْ وَطِئَهَا وَهِيَ ثَيِّبٌ) وَلَمْ يَنْقُصْهَا الْوَطْءُ (جَازَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ مُرَابَحَةً وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْبَيَانُ) لِعَدَمِ احْتِبَاسِ مَا يُقَابِلُهُ الثَّمَنُ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْأَوْصَافَ لَا يُقَابِلُهَا شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ وَلِهَذَا) تَوْضِيحٌ لِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْتَبِسْ عِنْدَهُ شَيْءٌ يُقَابِلُهُ الثَّمَنُ، وَلِهَذَا لَوْ فَاتَتْ الْعَيْنُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ إلَى الْمُشْتَرِي لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ، وَكَذَلِكَ مَنَافِعُ الْبُضْعِ إذَا لَمْ يَنْقُصْهَا الْوَطْءُ لَا يُقَابِلُهَا شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ. وَعُورِضَ بِأَنَّ مَنَافِعَ الْبُضْعِ بِمَنْزِلَةِ الْجُزْءِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا وَطِئَهَا ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الرَّدِّ وَإِنْ كَانَ ثَيِّبًا، وَمَا ذَلِكَ إلَّا بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْمُسْتَوْفَى مِنْ الْوَطْءِ بِمَنْزِلَةِ احْتِبَاسِ جُزْءٍ مِنْ الْمَبِيعِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي. وَأُجِيبَ بِأَنَّ عَدَمَ جَوَازِ الرَّدِّ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ إنْ رَدَّهَا. فَإِمَّا أَنْ يَرُدَّهَا، مَعَ الْعُقْرِ أَوْ بِدُونِهِ، لَا سَبِيلَ إلَى الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْفَسْخَ يَرِدُ عَلَى مَا يَرِدُ عَلَيْهِ الْعَقْدُ وَالْعَقْدُ لَمْ يَرِدْ عَلَى الزِّيَادَةِ فَالْفَسْخُ لَا يَرِدُ عَلَيْهَا، وَلَا إلَى الثَّانِي لِأَنَّهَا تَعُودُ إلَى قَدِيمِ مِلْكِ الْبَائِعِ وَيُسَلَّمُ الْوَطْءُ لِلْمُشْتَرِي مَجَّانًا وَالْوَطْءُ يَسْتَلْزِمُ الْعُقْرَ عِنْدَ سُقُوطِ الْعُقْرِ لَا بِاعْتِبَارِ احْتِبَاسِ جُزْءٍ مِنْ الْمَبِيعِ (وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يَبِيعُ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>