للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَعْلُولٌ بِهِ عَمَلًا بِدَلَائِل الْجَوَازِ وَالْإِجَارَةِ، قِيلَ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ؛ وَلَوْ سَلَّمَ فَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِ فِي الْإِجَارَةِ الْمَنَافِعُ وَهَلَاكُهَا غَيْرُ نَادِرٍ.

فِي غَرَرِ الِانْفِسَاخِ وَمَا ذَكَرْتُمْ غَرَرُ الْفَسْخِ، وَإِذَا كَانَ الْهَلَاكُ فِي الْعَقَارِ نَادِرًا كَانَ غَرَرُ انْفِسَاخِ الْعَقْدِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ مُنْتَفِيًا.

وَالْحَدِيثُ مَعْلُولٌ بِهِ فَلَمْ يَدْخُلْ فِيهِ الْعَقَارُ فَجَازَ بَيْعُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ عَمَلًا بِدَلِيلِ الْجَوَازِ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ، وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ تَعْلِيلٌ فِي مَوْضِعِ النَّصِّ وَهُوَ مَا رُوِيَ «أَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعِ مَا لَمْ يُقْبَضْ» وَهُوَ عَامٌّ. وَالتَّعْلِيلُ فِي مَوْضِعِ النَّصِّ غَيْرُ مَقْبُولٍ. وَأُجِيبَ أَنَّهُ عَامٌّ دَخَلَهُ الْخُصُوصُ لِإِجْمَاعِنَا عَلَى جَوَازِ التَّصَرُّفِ فِي الثَّمَنِ وَالصَّدَاقِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَمِثْلُ هَذَا الْعَامِّ يَجُوزُ تَخْصِيصُهُ بِالْقِيَاسِ فَنَحْمِلُهُ عَلَى الْمَنْقُولِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَفِيهِ بَحْثٌ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَدِيثِ النَّهْيُ عَنْ بَيْعِ مَبِيعٍ لَمْ يُقْبَضْ بِدَلِيلِ حَدِيثِ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ «إذَا ابْتَعْت شَيْئًا فَلَا تَبِعْهُ حَتَّى تَقْبِضَ» سَلَّمْنَا أَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعِ مَا لَمْ يُقْبَضْ مِنْ مِلْكِهِ الَّذِي ثَبَتَ بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ، لَكِنَّ الْإِجْمَاعَ لَا يَصْلُحُ تَخْصِيصًا، سَلَّمْنَا صَلَاحِيَّتَهُ لِذَلِكَ، لَكِنَّ التَّخْصِيصَ لِبَيَانِ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْعَامِّ بَعْدَ احْتِمَالِهِ تَنَاوُلَهُ، وَإِذَا كَانَ الْحَدِيثُ مَعْلُولًا بِغَرَرِ الِانْفِسَاخِ لَا يَحْتَمِلُ تَنَاوُلَ مَا لَيْسَ فِيهِ ذَلِكَ، إذْ الشَّيْءُ لَا يَحْتَمِلُ تَنَاوُلَ مَا يُنَافِيهِ تَنَاوُلًا فَرْدِيًّا وَاعْلَمْ أَنِّي أَذْكُرُ لَك مَا سَنَحَ لِي فِي هَذَا الْمَوْضِعِ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى وَجْهٍ يَنْدَفِعُ بِهِ جَمِيعُ ذَلِكَ وَهُوَ أَنْ يُقَالَ: الْأَصْلُ أَنْ يَكُونَ بَيْعُ الْمَنْقُولِ وَغَيْرِ الْمَنْقُولِ قَبْلَ الْقَبْضِ جَائِزًا لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ﴾ لَكِنَّهُ خَصَّ مِنْهُ الرِّبَا بِدَلِيلٍ مُسْتَقِلٍّ مُقَارِنٍ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى ﴿وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ وَالْعَامُّ الْمَخْصُوصُ يَجُوزُ تَخْصِيصُهُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ، وَهُوَ مَا رُوِيَ «أَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعِ مَا لَمْ يُقْبَضْ»، ثُمَّ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ مَعْلُولًا بِغَرَرِ الِانْفِسَاخِ أَوْ لَا، فَإِنْ كَانَ فَقَدْ ثَبَتَ الْمَطْلُوبُ حَيْثُ لَا يَتَنَاوَلُ الْعَقَارَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَقَعَ التَّعَارُضُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا رُوِيَ فِي السُّنَنِ مُسْنَدًا إلَى الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ «نَهَى عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ» وَبَيَّنَهُ وَبَيَّنَ أَدِلَّةَ الْجَوَازِ وَذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ التَّرْكَ، وَجَعْلُهُ مَعْلُولًا بِذَلِكَ إعْمَالٌ لِثُبُوتِ التَّوْفِيقِ حِينَئِذٍ، وَالْإِعْمَالُ مُتَعَيَّنٌ لَا مَحَالَةَ. وَكَمَا لَمْ يَتَنَاوَلْ الْعَقَارَ لَمْ يَتَنَاوَلْ الصَّدَاقَ وَبَدَلَ الْخُلْعِ، وَيَكُونُ مُخْتَصًّا بِعَقْدٍ يَنْفَسِخُ بِهَلَاكِ الْمُعَوَّضِ قَبْلَ الْقَبْضِ، هَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ (قَوْلُهُ وَالْإِجَارَةُ) جَوَابٌ عَنْ قِيَاسِ مُحَمَّدٍ صُورَةَ النِّزَاعِ عَلَى الْإِجَارَةِ وَتَقْرِيرُهُ أَنَّهَا لَا تَصْلُحُ مَقِيسًا عَلَيْهَا لِأَنَّهَا عَلَى الِاخْتِلَافِ. قَالَ فِي الْإِيضَاحِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>