فِي مَالِ الْغَيْرِ حَرَامٌ فَيَجِبُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَهُ مُجَازَفَةً؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ لَهُ، وَبِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَ الثَّوْبَ
وَفِي الثَّالِثِ لَا يَحْتَاجُ الْمُشْتَرِي الثَّانِي إلَى كَيْلٍ لِأَنَّهُ لَمَّا اشْتَرَاهُ مُجَازَفَةً مَلَكَ جَمِيعَ مَا كَانَ مُشَارًا إلَيْهِ فَكَانَ مُتَصَرِّفًا فِي مِلْكِ نَفْسِهِ.
قَالَ الْمُصَنِّفُ (لِأَنَّ الزِّيَادَةَ لَهُ) وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الزِّيَادَةَ لَا تُتَصَوَّرُ فِي الْمُجَازَفَةِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ مِنْ الْجَائِزِ أَنَّهُ اشْتَرَى مَكِيلًا مُكَايَلَةً فَاكْتَالَهُ عَلَى أَنَّهُ عَشَرَةُ أَقْفِزَةٍ مَثَلًا ثُمَّ بَاعَهُ مُجَازَفَةً فَإِذَا هُوَ اثْنَا عَشَرَ فِي الْوَاقِعِ فَيَكُونُ زِيَادَةً عَلَى الْمَكِيلِ الَّذِي اشْتَرَاهُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ وَفِيهِ مِنْ التَّمَحُّلِ مَا تَرَى. وَقِيلَ الْمُرَادُ الزِّيَادَةُ الَّتِي كَانَتْ فِي ذِهْنِ الْبَائِعِ، وَذَلِكَ بِأَنْ بَاعَ مُجَازَفَةً وَفِي ذِهْنِهِ أَنَّهُ مِائَةُ قَفِيزٍ فَإِذَا هُوَ زَائِدٌ عَلَى مَا ظَنَّهُ فَالزَّائِدُ لِلْمُشْتَرِي. وَيَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ مِنْ بَابِ الْغَرَضِ، وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْمَانِعَ مِنْ التَّصَرُّفِ هُوَ احْتِمَالُ الزِّيَادَةِ، وَلَوْ فُرِضَ فِي الْمُجَازَفَةِ زِيَادَةٌ كَانَتْ لِلْمُشْتَرِي حَيْثُ لَمْ يَقَعْ الْعَقْدُ مُكَايَلَةً
فَهَذَا الْمَانِعُ عَلَى تَقْدِيرِ وُجُودِهِ لَمْ يَمْنَعْ التَّصَرُّفَ عَلَى تَقْدِيرِ عِلْمِهِ أَوْلَى، وَيَجُوزُ فَرْضُ الْمُحَالِ إذَا تَعَلَّقَ بِهِ غَرَضٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ﴾ وَفِي الرَّابِعِ يَحْتَاجُ إلَى كَيْلٍ وَاحِدٍ، إمَّا كَيْلِ الْمُشْتَرِي أَوْ كَيْلِ الْبَائِعِ بِحَضْرَتِهِ لِأَنَّ الْكَيْلَ شَرْطٌ لِجَوَازِ التَّصَرُّفِ فِيمَا بِيعَ مُكَايَلَةً لِمَكَانِ الْحَاجَةِ إلَى تَعْيِينِ الْمِقْدَارِ الْوَاقِعِ مَبِيعًا، وَأَمَّا الْمُجَازَفَةُ فَلَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِمَا ذَكَرْنَا. فَإِنْ قِيلَ: النَّهْيُ عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ إلَى الْغَايَةِ الْمَذْكُورَةِ يَتَنَاوَلُ الْأَقْسَامَ الْأَرْبَعَةَ فَمَا وَجْهُ تَخْصِيصِهِ بِمَا فِي الْكِتَابِ؟ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ مَعْلُولٌ بِاحْتِمَالِ الزِّيَادَةِ عَلَى الْمَشْرُوطِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute