وَصْفٍ مَشْرُوعٍ إلَى وَصْفٍ مَشْرُوعٍ وَهُوَ كَوْنُهُ رَابِحًا أَوْ خَاسِرًا أَوْ عَدْلًا، وَلَهُمَا وِلَايَةُ الرَّفْعِ فَأَوْلَى أَنْ يَكُونَ لَهُمَا وِلَايَةُ التَّغَيُّرِ، وَصَارَ كَمَا إذَا أَسْقَطَا الْخِيَارَ أَوْ شَرَطَاهُ بَعْدَ الْعَقْدِ، ثُمَّ إذَا صَحَّ يَلْتَحِق بِأَصْلِ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ وَصْفَ الشَّيْءِ يَقُومُ بِهِ لَا بِنَفْسِهِ، بِخِلَافِ حَطِّ الْكُلِّ؛ لِأَنَّهُ تَبْدِيلٌ لِأَصْلِهِ لَا تَغْيِيرٌ لِوَصْفِهِ فَلَا يَلْتَحِقُ بِهِ، وَعَلَى اعْتِبَارِ الِالْتِحَاقِ
مَثَلًا أَوْ بَاعَ عَيْنًا بِمِائَةٍ ثُمَّ زَادَ عَلَى الْمَبِيعِ شَيْئًا أَوْ حَطَّ بَعْضَ الثَّمَنِ جَازَ، وَالِاسْتِحْقَاقُ يَتَعَلَّقُ بِكُلِّ ذَلِكَ فَيَمْلِكُ الْبَائِعُ حَبْسَ الْمَبِيعِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الْأَصْلَ وَالزِّيَادَةَ، وَلَا يَمْلِكُ الْمُشْتَرِي مُطَالَبَةَ الْمَبِيعِ مِنْ الْبَائِعِ حَتَّى يَدْفَعَهُمَا إلَيْهِ. وَيَسْتَحِقُّ الْمُشْتَرِي مُطَالَبَةَ الْمَبِيعِ كُلِّهِ بِتَسْلِيمِ مَا بَقِيَ بَعْدَ الْحَطِّ وَيَتَعَلَّقُ الِاسْتِحْقَاقُ بِجَمِيعِ ذَلِكَ يَعْنِي الْأَصْلَ وَالزِّيَادَةَ. فَإِذَا اسْتَحَقَّ الْمَبِيعَ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِهِمَا، وَإِذَا جَازَ ذَلِكَ فَالزِّيَادَةُ وَالْحَطُّ يَلْتَحِقَانِ بِأَصْلِ الْعَقْدِ عِنْدَنَا. وَعِنْدَ زُفَرَ وَالشَّافِعِيِّ لَا يَصِحَّانِ عَلَى اعْتِبَارِ الِالْتِحَاقِ، بَلْ عَلَى اعْتِبَارِ ابْتِدَاءِ الصِّلَةِ أَيْ الْهِبَةِ ابْتِدَاءً لَا تَتِمُّ إلَّا بِالتَّسْلِيمِ. لَهُمَا أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَصْحِيحُ الزِّيَادَةِ ثَمَنًا لِأَنَّ هَذَا التَّصْحِيحَ يُصَيِّرُ مِلْكَهُ عِوَضَ مِلْكِهِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ مَلَكَ الْمَبِيعَ بِالْعَقْدِ الْمُسَمَّى ثَمَنًا.
فَالزِّيَادَةُ فِي الثَّمَنِ تَكُونُ فِي مُقَابَلَةِ مِلْكِ نَفْسِهِ وَهُوَ الْمَبِيعُ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ، وَفِي الْحَطِّ الثَّمَنُ كُلُّهُ مُقَابَلٌ بِكُلِّ الْمَبِيعِ فَلَا يُمْكِنُ إخْرَاجُهُ عَنْ ذَلِكَ فَصَارَ بُرًّا مُبْتَدَأً. وَلَنَا أَنَّ الْبَائِعَ وَالْمُشْتَرِيَ بِالْحَطِّ وَالزِّيَادَةِ غَيْرُ الْعَقْدِ بِتَرَاضِيهِمَا مِنْ وَصْفٍ مَشْرُوعٍ إلَى وَصْفٍ مَشْرُوعٍ، لِأَنَّ الْبَيْعَ الْمَشْرُوعَ خَاسِرٌ وَرَابِحٌ وَعَدْلٌ، وَالزِّيَادَةُ فِي الثَّمَنِ تَجْعَلُ الْخَاسِرَ عَدْلًا وَالْعَدْلَ رَابِحًا، وَالْحَطُّ يَجْعَلُ الرَّابِحَ عَدْلًا وَالْعَدْلَ خَاسِرًا وَذَلِكَ الزِّيَادَةُ فِي الْمَبِيعِ، وَلَهُمَا وِلَايَةُ التَّصَرُّفِ بِرَفْعِ أَصْلِ الْعَقْدِ بِالْإِقَالَةِ، فَأَوْلَى أَنْ يَكُونَ لَهُمَا وِلَايَةُ التَّغْيِيرِ مِنْ وَصْفٍ إلَى وَصْفٍ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ فِي صِفَةِ الشَّيْءِ أَهْوَنُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي أَصْلِهِ وَصَارَ كَمَا إذَا كَانَ لِأَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ لَهُمَا خِيَارُ الشَّرْطِ فَأَسْقَطَا أَوْ شَرَطَاهُ بَعْدَ الْعَقْدِ فَصَحَّ إلْحَاقُ الزِّيَادَةِ بَعْدَ تَمَامِ الْعَقْدِ، وَإِذَا صَحَّ يَلْتَحِقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ فِي الثَّمَنِ كَالْوَصْفِ لَهُ، وَوَصْفُ الشَّيْءِ يَقُومُ بِذَلِكَ الشَّيْءِ لَا بِنَفْسِهِ، فَالزِّيَادَةُ تَقُومُ بِالثَّمَنِ لَا بِنَفْسِهَا. فَإِنْ قِيلَ: لَوْ كَانَ حَطُّ الْبَعْضِ صَحِيحًا لَكَانَ حَطُّ الْكُلِّ كَذَلِكَ اعْتِبَارًا لِلْكُلِّ بِالْبَعْضِ. أَجَابَ الْمُصَنِّفُ بِالْفَرْقِ بِقَوْلِهِ بِخِلَافِ حَطِّ الْكُلِّ لِأَنَّهُ تَبْدِيلٌ بِأَصْلِهِ لَا تَغْيِيرٌ بِوَصْفِهِ، لِأَنَّ عَمَلَ الْحَطِّ فِي إخْرَاجِ الْقَدْرِ الْمَحْطُوطِ مِنْ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا فَالشَّرْطُ فِيهِ قِيَامُ الثَّمَنِ وَذَلِكَ فِي حَطِّ الْبَعْضِ لِوُجُودِ مَا يَصْلُحُ ثَمَنًا.
وَأَمَّا حَطُّ الْجَمِيعِ فَتَبْدِيلٌ لِلْعَقْدِ، لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَبْقَى بَيْعًا بَاطِلًا لِعَدَمِ الثَّمَنِ حِينَئِذٍ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُمَا لَمْ يَقْصِدَا ذَلِكَ أَوْ يَصِيرَ هِبَةً وَقَدْ كَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute