السَّلَمُ عَقْدٌ مَشْرُوعٌ بِالْكِتَابِ وَهُوَ آيَةُ الْمُدَايَنَةِ، فَقَدْ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ﵄: أَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَحَلَّ السَّلَفَ الْمَضْمُونَ وَأَنْزَلَ فِيهَا أَطْوَلَ آيَةٍ فِي كِتَابِهِ، وَتَلَا قَوْله تَعَالَى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ﴾ الْآيَةُ.
آجِلٍ بِعَاجِلٍ لَا نَدْفَعُ ذَلِكَ. وَرُكْنُهُ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ، بِأَنْ يَقُولَ رَبُّ السَّلَمِ لِآخَرَ أَسْلَمْت إلَيْك عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فِي كُرِّ حِنْطَةٍ أَوْ أَسْلَفْت فَيَقُولُ الْآخَرُ قَبِلْت، وَيُسَمَّى هَذَا رَبَّ السَّلَمِ وَالْآخَرُ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ وَالْحِنْطَةُ الْمُسْلَمُ فِيهِ. وَلَوْ صَدَرَ الْإِيجَابُ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَالْقَبُولُ مِنْ رَبِّ السَّلَمِ صَحَّ. وَشَرْطُ جَوَازِهِ سَيُذْكَرُ فِي أَثْنَاءِ كَلَامِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
قَالَ (السَّلَمُ عَقْدٌ مَشْرُوعٌ بِالْكِتَابِ إلَخْ) السَّلَمُ عَقْدٌ مَشْرُوعٌ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ، أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ: تَعَالَى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ﴾ مَعْنَاهُ إذَا تَعَامَلْتُمْ بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ فَاكْتُبُوهُ، وَفَائِدَةُ قَوْلِهِ مُسَمًّى الْإِعْلَامُ بِأَنَّ مِنْ حَقِّ الْأَجَلِ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا.
وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ (مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ أَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ أَحَلَّ السَّلَفَ الْمَضْمُونَ وَأَنْزَلَ فِيهَا) أَيْ فِي السَّلَفِ عَلَى تَأْوِيلِ الْمُدَايَنَةِ (أَطْوَلَ آيَةٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ، وَتَلَا قَوْله تَعَالَى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ﴾ فَإِنْ قِيلَ: هَذَا اسْتِدْلَالٌ بِخُصُوصِ السَّبَبِ وَلَا مُعْتَبَرَ بِهِ. قُلْنَا: عُمُومُ اللَّفْظِ يَتَنَاوَلُهُ فَكَانَ الِاسْتِدْلَال بِهِ (قَوْلُهُ: الْمَضْمُونُ) صِفَةٌ مُقَرِّرَةٌ لِلسَّلَفِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى ﴿يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا﴾
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute