مَوْجُودًا مِنْ حِينِ الْعَقْدِ إلَى حِينِ الْمَحِلِّ، حَتَّى لَوْ كَانَ مُنْقَطِعًا عِنْدَ الْعَقْدِ مَوْجُودًا عِنْدَ الْمَحِلِّ أَوْ عَلَى الْعَكْسِ أَوْ مُنْقَطِعًا فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀: يَجُوزُ إذَا كَانَ مَوْجُودًا وَقْتَ الْمَحِلِّ لِوُجُودِ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ حَالَ وُجُوبِهِ. وَلَنَا قَوْلُهُ ﵊ «لَا تُسَلِّفُوا فِي الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا» وَلِأَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى التَّسْلِيمِ بِالتَّحْصِيلِ فَلَا بُدَّ مِنْ اسْتِمْرَارِ الْوُجُودِ فِي مُدَّةِ الْأَجَلِ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ التَّحْصِيلِ.
مَوْجُودًا) وُجُودُ الْمُسْلَمِ فِيهِ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ إلَى حُلُولِ الْأَجَلِ شَرْطُ جَوَازِ السَّلَمِ عِنْدَنَا، وَهَذَا يَنْقَسِمُ إلَى سِتَّةِ أَقْسَامٍ: قِسْمَةٌ عَقْلِيَّةٌ حَاصِرَةٌ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا مِنْ حِينِ الْعَقْدِ إلَى الْمَحَلِّ أَوْ لَيْسَ بِمَوْجُودٍ أَصْلًا، أَوْ مَوْجُودًا عِنْدَ الْعَقْدِ دُونَ الْمَحَلِّ أَوْ بِالْعَكْسِ، أَوْ مَوْجُودًا فِيمَا بَيْنَهُمَا، أَوْ مَعْدُومًا فِيمَا بَيْنَهُمَا. وَالْأَوَّلُ جَائِزٌ بِالِاتِّفَاقِ، وَالثَّانِي فَاسِدٌ بِالِاتِّفَاقِ، وَالثَّالِثُ كَذَلِكَ، وَالرَّابِعُ فَاسِدٌ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ، وَالْخَامِسُ فَاسِدٌ بِالِاتِّفَاقِ، وَالسَّادِسُ فَاسِدٌ عِنْدَنَا خِلَافًا لِمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ. لَهُ عَلَى الرَّابِعِ وَهُوَ دَلِيلُهُمَا عَلَى السَّادِسِ وُجُودُ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ حَالَ وُجُوبِهِ.
وَلَنَا قَوْلُهُ: ﵊ «لَا تُسْلِفُوا فِي الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا» وَهُوَ حُجَّةٌ عَلَى الشَّافِعِيِّ فَإِنَّهُ ﵊ شَرَطَ لِصِحَّةِ وُجُودِ الْمُسْلَمِ فِيهِ حَالَ الْعَقْدِ؛ وَلِأَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى التَّسْلِيمِ إنَّمَا تَكُونُ بِالتَّحْصِيلِ فَلَا بُدَّ مِنْ اسْتِمْرَارِ الْوُجُودِ فِي مُدَّةِ الْأَجَلِ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ التَّحْصِيلِ، وَالْمُنْقَطِعُ وَهُوَ مَا لَا يُوجَدُ فِي سُوقِهِ الَّذِي يُبَاعُ فِيهِ وَإِنْ وُجِدَ فِي الْبُيُوتِ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ بِالِاكْتِسَابِ، وَهَذَا حُجَّةٌ عَلَيْهِمَا. وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ إذَا كَانَ عِنْدَ الْعَقْدِ مَوْجُودًا كَفَى مُؤْنَةَ الْحَدِيثِ، وَإِذَا وُجِدَ عِنْدَ الْمَحَلِّ كَانَ مَقْدُورَ التَّسْلِيمِ فَلَا مَانِعَ عَنْ الْجَوَازِ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْقُدْرَةَ إنَّمَا تَكُونُ مَوْجُودَةً إذَا كَانَ الْعَاقِدُ بَاقِيًا إلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ، حَتَّى لَوْ مَاتَ كَانَ وَقْتُ وُجُوبِ التَّسْلِيمِ عَقِيبَهُ، وَفِي ذَلِكَ شَكٌّ. وَرُدَّ بِأَنَّ الْحَيَاةَ ثَابِتَةٌ فَتَبْقَى. وَأُجِيبَ بِأَنَّ عَدَمَ الْقُدْرَةِ عَلَى ذَلِكَ التَّقْدِيرِ ثَابِتٌ فَيَبْقَى. فَإِنْ قِيلَ: بَقَاءُ الْكَمَالِ فِي النِّصَابِ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ فَلْيَكُنْ وُجُودُ الْمُسْلَمِ فِيهِ كَذَلِكَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute