وَعَنْ هَذَا قَالَ مَنْ قَالَ مِنْ الْمَشَايِخِ ﵏ إنَّ الِاخْتِلَافَ فِيهِ عِنْدَهُ يُوجِبُ التَّخَالُفَ كَمَا فِي الصِّفَةِ. وَقِيلَ عَلَى عَكْسِهِ لِأَنَّ تَعَيُّنِ الْمَكَانِ قَضِيَّةُ الْعَقْدِ عِنْدَهُمَا، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ الثَّمَنُ وَالْأُجْرَةُ وَالْقِسْمَةُ، وَصُورَتُهَا إذَا اقْتَسَمَا دَارًا وَجَعَلَا مَعَ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا شَيْئًا لَهُ حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ.
وَقِيلَ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ فِي الثَّمَنِ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ إذَا كَانَ مُؤَجَّلًا، وَهُوَ اخْتِيَارُ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ ﵀. وَعِنْدَهُمَا يَتَعَيَّنُ مَكَانُ الدَّارِ وَمَكَانُ تَسْلِيمِ الدَّابَّةِ لِلْإِيفَاءِ. قَالَ (وَمَا لَمْ يَكُنْ لَهُ حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ لَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى بَيَانِ مَكَانِ الْإِيفَاءِ بِالْإِجْمَاعِ)
كَجَهَالَةِ الصِّفَةِ فِي اخْتِلَافِ الْقِيَمِ بِاخْتِلَافِهَا فَلَا بُدَّ مِنْ الْبَيَانِ.
(وَعَنْ هَذَا) أَيْ عَمَّا ذَكَرْنَا أَنَّ جَهَالَةَ الْمَكَانِ كَجَهَالَةِ الْوَصْفِ (قَالَ: مَنْ قَالَ مِنْ الْمَشَايِخِ إنَّ الِاخْتِلَافَ فِي الْمَكَانِ يُوجِبُ التَّخَالُفَ) عِنْدَهُ كَالِاخْتِلَافِ فِي الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ فِي أَحَدِ الْبَدَلَيْنِ (وَقِيلَ عَلَى عَكْسِهِ) أَيْ لَا يُوجِبُ التَّخَالُفَ عِنْدَهُ بَلْ الْقَوْلُ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ. وَعِنْدَهُمَا يُوجِبُهُ؛ لِأَنَّ تَعَيُّنَ الْمَكَانِ قَضِيَّةُ الْعَقْدِ: أَيْ مُقْتَضَاهُ عِنْدَهُمَا فَكَانَ الِاخْتِلَافُ فِي الْمَكَانِ كَالِاخْتِلَافِ فِي نَفْسِ الْعَقْدِ. وَعِنْدَهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ مِنْ مُقْتَضَيَاتِهِ صَارَ بِمَنْزِلَةِ الْأَجَلِ، وَالِاخْتِلَافُ فِيهِ لَا يُوجِبُ التَّخَالُفَ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ الثَّمَنُ وَالْأُجْرَةُ وَالْقِسْمَةُ. وَصُورَةُ الثَّمَنِ: اشْتَرَى شَيْئًا بِمَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ مَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ يُشْتَرَطُ بَيَانُ مَكَانِ الْإِيفَاءِ عِنْدَهُ، وَعِنْدَهُمَا لَا يُشْتَرَطُ وَيَتَعَيَّنُ مَكَانُ الْعَقْدِ. وَقِيلَ إنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ بِالِاتِّفَاقِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ (وَهُوَ اخْتِيَارُ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ)؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ مِثْلُ الْأُجْرَةِ وَهِيَ مَنْصُوصٌ عَلَيْهَا فِي كِتَابِ الْإِجَارَاتِ.
وَصُورَةُ الْأُجْرَةِ: اسْتَأْجَرَ دَارًا أَوْ دَابَّةً بِمَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ مَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ يُشْتَرَطُ بَيَانُ مَكَانِ الْإِيفَاءِ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا وَيَتَعَيَّنُ فِي إجَارَةِ الدَّارِ مَكَانُهَا، وَفِي الدَّابَّةِ تُسَلَّمُ فِي مَكَانِ تَسْلِيمِهَا. وَصُورَةُ الْقِسْمَةِ: اقْتَسَمَا دَارًا وَأَخَذَ أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ مِنْ نَصِيبِهِ وَالْتَزَمَ فِي مُقَابَلَةِ الزَّائِدِ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا مَوْصُوفًا فِي الذِّمَّةِ يُشْتَرَطُ عِنْدَهُ بَيَانُ مَكَانِ الْإِيفَاءِ خِلَافًا لَهُمَا وَيَتَعَيَّنُ مَكَانُ الْقِسْمَةِ.
قَالَ (وَمَا لَمْ يَكُنْ لَهُ حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ لَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى بَيَانِ مَكَانِ الْإِيفَاءِ إلَخْ) وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ مَا لَهُ حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ فَيُعْلَمُ مِنْ ذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ. وَقِيلَ مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ هُوَ الَّذِي لَوْ أَمَرَ إنْسَانًا بِحَمْلِهِ إلَى مَجْلِسِ الْقَضَاءِ حَمَلَهُ مَجَّانًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute