للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِأَنَّهُ أَخَذَ شَبَهًا بِالْمَبِيعِ فَلَا يَحِلُّ التَّصَرُّفُ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَهَذَا لِأَنَّ الْإِقَالَةَ بَيْعٌ جَدِيدٌ فِي حَقِّ ثَالِثٍ، وَلَا يُمْكِنُ جَعْلَ الْمُسْلَمِ فِيهِ مَبِيعًا لِسُقُوطِهِ فَجَعَلَ رَأْسَ الْمَالِ مَبِيعًا لِأَنَّهُ دَيْنٌ مِثْلُهُ، إلَّا أَنَّهُ لَا يَجِبُ قَبْضُهُ فِي الْمَجْلِسِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي حُكْمِ الِابْتِدَاءِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ،

وَهَذَا نَصٌّ فِي ذَلِكَ (وَلِأَنَّهُ أَخَذَ شَبَهًا بِالْمَبِيعِ) (؛ لِأَنَّ الْإِقَالَةَ بَيْعُ جَدِيدٍ فِي حَقٍّ ثَالِثٍ) وَهُوَ الشَّرْعُ، وَالْبَيْعُ يَقْتَضِي وُجُودَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَالْمُسْلَمُ فِيهِ لَا يَصْلُحُ لِذَلِكَ (لِسُقُوطِهِ) بِالْإِقَالَةِ (فَ) لَا بُدَّ مِنْ (جَعْلِ رَأْسِ الْمَالِ مَبِيعًا) لِيَرُدَّ عَلَيْهِ الْعَقْدَ، وَإِلَّا لَكَانَ مَا فَرَضَاهُ بَيْعًا لَمْ يَكُنْ بَيْعًا هَذَا خَلَفٌ بَاطِلٌ وَهُوَ صَالِحٌ لِذَلِكَ لِكَوْنِهِ دَيْنًا مِثْلَ الْمُسْلَمِ فِيهِ، وَإِذَا أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ مَعْقُودًا عَلَيْهِ ابْتِدَاءً فِيمَا هُوَ بَيْعٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَهُوَ عَقْدُ السَّلَمِ فَلَأَنْ يُمْكِنَ ذَلِكَ انْتِهَاءً فِيمَا هُوَ بَيْعٌ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ كَانَ أَوْلَى، وَإِذَا ثَبَتَ شَبَهُهُ بِالْمَبِيعِ، وَالْمَبِيعُ لَا يُتَصَرَّفُ فِيهِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَكَذَا مَا أَشْبَهَهُ. فَإِنْ قِيلَ: إذَا كَانَ كَذَلِكَ وَجَبَ قَبْضُ رَأْسِ الْمَالِ فِي الْمَجْلِسِ اعْتِبَارًا لِلِانْتِهَاءِ بِالِابْتِدَاءِ: أَجَابَ بِقَوْلِهِ (؛ لِأَنَّهُ) أَيْ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الْإِقَالَةِ (لَيْسَ فِي حُكْمِ الِابْتِدَاءِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ)؛ لِأَنَّهُ فِي حَقِّ الْكُلِّ وَالْإِقَالَةُ بَيْعٌ فِي حَقٍّ ثَالِثٍ لَا غَيْرُ، وَلَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ اشْتِرَاطِ الْقَبْضِ فِي الْأَوَّلِ اشْتِرَاطُهُ فِي الثَّانِي بِالضَّرُورَةِ، فَإِنْ ثَبَتَ بِالتَّنْبِيهِ وَهُوَ أَنَّ اشْتِرَاطَ الْقَبْضِ فِي الِابْتِدَاءِ كَانَ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ وَالْمُسْلَمُ فِيهِ سَقَطَ بِالْإِقَالَةِ فَلَا يَتَحَقَّقُ فِيهِ ذَلِكَ فَلَا يُشْتَرَطُ الْقَبْضُ، وَالتَّأَمُّلُ يُغْنِي عَنْ هَذَا السُّؤَالِ؛ لِأَنَّ رَأْسَ الْمَالِ إذَا صَارَ مَعْقُودًا عَلَيْهِ سَقَطَ اشْتِرَاطُ قَبْضِهِ، فَالسُّؤَالُ بِوُجُوبِ قَبْضِهِ لَا يَرِدُ، لَكِنَّ الْمُصَنِّفَ دَفَعَ وَهْمَ مَنْ عَسَى يَتَوَهَّمُ نَظَرًا إلَى كَوْنِهِ رَأْسَ الْمَالِ وُجُوبُ قَبْضِهِ، وَلَوْ أَبْرَزَ ذَلِكَ فِي مَبْرَزِ الدَّلِيلِ عَلَى انْقِلَابِهِ مَعْقُودًا عَلَيْهِ حَيْثُ لَا يَجُوزُ قَبْضُهُ.

وَلَوْ بَقِيَ رَأْسُ الْمَالِ لَوَجَبَ كَانَ أَدَقَّ عَلَى طَرِيقَةِ قَوْلِهِ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ وَيَجُوزُ بِأَيِّ لِسَانٍ كَانَ سِوَى الْفَارِسِيَّةِ وَهِيَ طَرِيقَةُ قَوْلِهِ: وَلَا عَيْبَ فِيهِمْ غَيْرَ أَنَّ سُيُوفَهُمْ بِهِنَّ فُلُولٌ مِنْ قِرَاعِ الْكَتَائِبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>