قَالَ (وَمَنْ أَسْلَمَ فِي كُرٍّ فَأَمَرَ رَبُّ السَّلَمِ أَنْ يَكِيلَهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ فِي غَرَائِرِ رَبِّ السَّلَمِ فَفَعَلَ وَهُوَ غَائِبٌ لَمْ يَكُنْ قَضَاءً) لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْكَيْلِ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ لَمْ يُصَادِفْ مِلْكَ الْآمِرِ، [لِأَنَّ] حَقَّهُ فِي الدَّيْنِ دُونَ الْعَيْنِ فَصَارَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ مُسْتَعِيرًا لِلْغَرَائِرِ مِنْهُ وَقَدْ جَعَلَ مِلْكَ نَفْسِهِ فِيهَا فَصَارَ كَمَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَرَاهِمَ دَيْنٍ فَدَفَعَ إلَيْهِ كِيسًا لِيَزِنهَا الْمَدْيُونُ فِيهِ لَمْ يَصِرْ قَابِضًا.
وَلَوْ كَانَتْ الْحِنْطَةُ مُشْتَرَاةٌ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا صَارَ قَابِضًا لِأَنَّ الْأَمْرَ قَدْ صَحَّ حَيْثُ صَادَفَ مِلْكَهُ لِأَنَّهُ مَلَكَ الْعَيْنَ بِالْبَيْعِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَمَرَهُ بِالطَّحْنِ كَانَ الطَّحِينُ فِي السَّلَمِ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَفِي الشِّرَاءِ لِلْمُشْتَرِي لِصِحَّةِ الْأَمْرِ، وَكَذَا إذَا أَمَرَهُ أَنْ يَصُبَّهُ فِي الْبَحْرِ فِي السَّلَمِ يَهْلَكُ مِنْ مَالِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَفِي الشِّرَاءِ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي،
قَالَ (وَمَنْ أَسْلَمَ فِي كُرٍّ فَأَمَرَ رَبَّ السَّلَمِ إلَخْ رَجُلٌ أَسْلَمَ فِي كُرٍّ فَأَمَرَ رَبَّ السَّلَمِ أَنْ يَكِيلَهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ فِي غَرَائِرِ رَبِّ السَّلَمِ فَفَعَلَ وَهُوَ) أَيْ رَبُّ السَّلَمِ (غَائِبٌ لَمْ يَكُنْ) لَهُ فِي غَرَائِرِهِ طَعَامٌ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ (قَضَاءً) فَلَوْ هَلَكَ هَلَكَ مِنْ مَالِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ (؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْكَيْلِ لَمْ) يُصَادِفْ مِلْكَ الْآمِرِ إذْ حَقُّهُ فِي الدَّيْنِ لَا فِي الْعَيْنِ فَلَا (يَصِحُّ) الْأَمْرُ (وَصَارَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ مُسْتَعِيرًا لِلْغَرَائِرِ مِنْ رَبِّ السَّلَمِ وَقَدْ جَعَلَ مِلْكَهُ فِيهَا، فَصَارَ كَمَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَرَاهِمُ دَيْنٍ فَدَفَعَ إلَيْهِ كِيسًا لِيَزِنَهَا الْمَدْيُونُ فِيهِ حَيْثُ لَمْ يَصِرْ قَابِضًا) وَلَوْ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ حِنْطَةً بِعَيْنِهَا وَدَفَعَ غَرَائِرَهُ إلَى الْبَائِعِ وَقَالَ لَهُ اجْعَلْهَا فِيهَا فَفَعَلَ وَالْمُشْتَرِي غَائِبٌ صَارَ قَابِضًا؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِالشِّرَاءِ لَا مَحَالَةَ فَصَحَّ الْأَمْرُ لِمُصَادَفَتِهِ الْمِلْكَ، وَإِذَا صَحَّ صَارَ الْبَائِعُ وَكِيلًا عَنْهُ فِي إمْسَاكِ الْغَرَائِرِ فَبَقِيَتْ الْغَرَائِرُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي حُكْمًا فَمَا وَقَعَ فِيهَا صَارَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: أَلَا تَرَى) تَوْضِيحٌ لِتَمَلُّكِهِ بِالْبَيْعِ (فَإِنَّهُ إذَا أَمَرَهُ بِالطَّحْنِ فِي السَّلَمِ كَانَ الطَّحِينُ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَفِي الشِّرَاءِ لِلْمُشْتَرِي) وَإِذَا أَمَرَهُ أَنْ يَصُبَّهُ فِي الْبَحْرِ فِي السَّلَمِ فَفَعَلَ هَلَكَ مِنْ مَالِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ (وَفِي الشِّرَاءِ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي) وَلَيْسَ ذَلِكَ إلَّا بِاعْتِبَارِ صِحَّةِ الْأَمْرِ وَعَدَمِهَا، وَصِحَّتُهُ مَوْقُوفَةٌ عَلَى الْمِلْكِ، فَلَوْلَا أَنَّهُ مَلَكَهُ لَمَا صَحَّ أَمْرُهُ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تَوْضِيحًا لِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute