كَانَا يَتَعَيَّنَانِ كَالْمَصُوغِ أَوْ لَا يَتَعَيَّنَانِ كَالْمَضْرُوبِ أَوْ يَتَعَيَّنُ أَحَدُهُمَا وَلَا يَتَعَيَّنُ الْآخَرُ لِإِطْلَاقِ مَا رَوَيْنَا، وَلِأَنَّهُ إنْ كَانَ يَتَعَيَّنُ فَفِيهِ شُبْهَةُ عَدَمِ التَّعْيِينِ لِكَوْنِهِ ثَمَنًا خِلْقَةً فَيُشْتَرَطُ قَبْضُهُ اعْتِبَارًا لِلشُّبْهَةِ فِي الرِّبَا، وَالْمُرَادُ مِنْهُ الِافْتِرَاقُ بِالْأَبْدَانِ، حَتَّى لَوْ ذَهَبَا عَنْ الْمَجْلِسِ يَمْشِيَانِ مَعًا فِي جِهَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ نَامَا فِي الْمَجْلِسِ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِمَا لَا يَبْطُلُ الصَّرْفُ لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ ﵁
مِنْ الْآخَرِ فَيَجِبُ قَبْضُهُمَا مَعًا (وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ مَا كَانَا يَتَعَيَّنَانِ كَالْمَصُوغِ أَوْ لَا يَتَعَيَّنَانِ كَالْمَضْرُوبِ أَوْ يَتَعَيَّنُ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ لِإِطْلَاقِ مَا رَوَيْنَا) وَهُوَ قَوْلُهُ: ﵊ «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ» الْحَدِيثَ، وَهُوَ يَتَنَاوَلُ الْمَصُوغَ وَغَيْرَهُ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ إنْ كَانَ يَتَعَيَّنُ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ بَيْعُ الْمَضْرُوبِ بِالْمَضْرُوبِ بِلَا قَبْضٍ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ كَالِئٌ بِكَالِئٍ، وَبَيْعُ الْمَصُوغِ بِالْمَصُوغِ لَيْسَ كَذَلِكَ لِتَعَيُّنِهِ بِالتَّعَيُّنِ.
وَتَقْرِيرُهُ أَنَّ الْمَصُوغَ وَإِنْ كَانَ يَتَعَيَّنُ فَفِيهِ شُبْهَةُ عَدَمِ التَّعْيِينِ لِكَوْنِهِ ثَمَنًا خِلْقَةً فَيُشْتَرَطُ قَبْضُهُ اعْتِبَارًا لِلشُّبْهَةِ فِي الرِّبَا. فَإِنْ قِيلَ: فَعَلَى هَذَا التَّقْرِيرِ يَلْزَمُ فِي بَيْعِ الْمَضْرُوبِ بِالْمَصُوغِ نَسِيئَةً شُبْهَةُ الشُّبْهَةِ؛ لِأَنَّ فِي بَيْعِ الْمَضْرُوبِ بِالْمَضْرُوبِ نَسِيئَةً شُبْهَةَ الْفَضْلِ، فَإِذَا بِيعَ مَضْرُوبٌ بِمَصُوغٍ نَسِيئَةً وَهُوَ مِمَّا يَتَعَيَّنُ كَانَ بِالنَّظَرِ إلَى كَوْنِهِ خُلِقَ ثَمَنًا شُبْهَةَ عَدَمِ التَّعْيِينِ وَتِلْكَ شُبْهَةٌ زَائِدَةٌ عَلَى الشُّبْهَةِ الْأُولَى وَالشُّبْهَةُ هِيَ الْمُعْتَبَرَةُ دُونَ النَّازِلِ عَنْهَا. أُجِيبَ بِأَنَّ عَدَمَ الْجَوَازِ فِي الْمَضْرُوبِ نَسِيئَةً بِقَوْلِهِ «يَدًا بِيَدٍ» لَا بِالشُّبْهَةِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ فِي مَوْضِعِ النَّصِّ مُضَافٌ إلَيْهِ لَا إلَى الْعِلَّةِ فَتَكُونُ الْحُرْمَةُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بِاعْتِبَارِ الشُّبْهَةِ (وَالْمُرَادُ بِالِافْتِرَاقِ مَا يَكُونُ بِالْأَبْدَانِ حَتَّى لَوْ مَشَيَا مَعًا إلَى جِهَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ نَامَا فِي الْمَجْلِسِ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِمَا لَا يَبْطُلُ الصَّرْفُ لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ ﵄:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute