لِأَنَّ الْمُسَاوَاةَ غَيْرُ مَشْرُوطَةٍ فِيهِ وَلَكِنْ يُشْتَرَطُ الْقَبْضُ فِي الْمَجْلِسِ لِمَا ذَكَرْنَا، بِخِلَافِ بَيْعِهِ بِجِنْسِهِ مُجَازَفَةً لِمَا فِيهِ مِنْ احْتِمَالِ الرِّبَا.
قَالَ (وَمَنْ بَاعَ جَارِيَةً قِيمَتُهَا أَلْفُ مِثْقَالِ فِضَّةٍ وَفِي عُنُقِهَا طَوْقُ فِضَّةٍ قِيمَتُهُ أَلْفُ مِثْقَالٍ بِأَلْفَيْ مِثْقَالِ فِضَّةٍ وَنَقَدَ مِنْ الثَّمَنِ أَلْفَ مِثْقَالٍ ثُمَّ افْتَرَقَا فَاَلَّذِي نَقَدَ ثَمَنَ الْفِضَّةِ) لِأَنَّ قَبْضَ حِصَّةِ الطَّوْقِ وَاجِبٌ فِي الْمَجْلِسِ لِكَوْنِهِ بَدَلَ الصَّرْفِ، وَالظَّاهِرُ مِنْهُ الْإِتْيَانُ بِالْوَاجِبِ (وَكَذَا لَوْ اشْتَرَاهَا بِأَلْفَيْ مِثْقَالِ أَلْفٍ نَسِيئَةً وَأَلْفٍ نَقْدًا فَالنَّقْدُ ثَمَنُ الطَّوْقِ) لِأَنَّ الْأَجَلَ بَاطِلٌ فِي الصَّرْفِ جَائِزٌ فِي بَيْعِ الْجَارِيَةِ، وَالْمُبَاشَرَةُ عَلَى وَجْهِ الْجَوَازِ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْهُمَا (وَكَذَلِكَ إنْ بَاعَ سَيْفًا مُحَلًّى بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَحِلْيَتُهُ خَمْسُونَ فَدَفَعَ مِنْ الثَّمَنِ خَمْسِينَ جَازَ الْبَيْعُ وَكَانَ الْمَقْبُوضُ حِصَّةَ الْفِضَّةِ وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ ذَلِكَ لِمَا بَيَّنَّا، وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ: خُذْ هَذِهِ الْخَمْسِينَ مِنْ ثَمَنِهِمَا) لِأَنَّ الِاثْنَيْنِ قَدْ يُرَادُ بِذِكْرِهِمَا الْوَاحِدُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ﴾ وَالْمُرَادُ أَحَدُهُمَا فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ لِظَاهِرِ حَالِهِ
؛ لِأَنَّ الْمُسَاوَاةَ فِيهِ غَيْرُ مَشْرُوطَةٍ، لَكِنَّ الْقَبْضَ شَرْطٌ؛ لِقَوْلِهِ ﷺ «الذَّهَبُ بِالْوَرِقِ رِبًا إلَّا هَاءَ وَهَاءَ» وَهُوَ وَالْمَعْقُولُ الْمُتَقَدِّمُ مُرَادٌ بِقَوْلِهِ لِمَا ذَكَرْنَا، بِخِلَافِ بَيْعِهِ بِجِنْسِهِ مُجَازَفَةً فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ إذَا لَمْ يَعْرِفْ الْمُتَعَاقِدَانِ قَدْرَهُمَا وَإِنْ كَانَا مُتَسَاوِيَيْنِ فِي الْوَزْنِ فِي الْوَاقِعِ؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ بِتَسَاوِيهِمَا حَالَةَ الْعَقْدِ شَرْطُ صِحَّتِهِ؛ لِأَنَّ الْفَضْلَ حِينَئِذٍ مَوْهُومٌ وَالْمَوْهُومُ فِي هَذَا الْبَابِ كَالْمُتَحَقِّقِ، وَالنَّبِيُّ ﷺ لَمْ يُرِدْ الْمُمَاثَلَةَ فِي عِلْمِ اللَّهِ؛ لِأَنَّهُ لَا سَبِيلَ إلَى ذَلِكَ، وَإِنَّمَا أَرَادَ الْمُمَاثَلَةَ فِي عِلْمِ الْعَاقِدَيْنِ وَلَمْ تُوجَدْ؛ وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ، فَإِنْ كَانَا وَزَنَا فِي الْمَجْلِسِ وَعَلِمَا فِي الْمَجْلِسِ تَسَاوِيَهُمَا كَانَ الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ لِوُقُوعِ الْعَقْدِ فَاسِدًا فَلَا يَنْقَلِبُ جَائِزًا لَكِنَّهُمْ اسْتَحْسَنُوا جَوَازَهُ؛ لِأَنَّ سَاعَاتِ الْمَجْلِسِ كَسَاعَةٍ وَاحِدَةٍ.
وَقَالَ زُفَرُ ﵀: إذَا عُرِفَ التَّسَاوِي بِالْوَزْنِ جَازَ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ هُوَ الْمُمَاثَلَةِ وَالْفَرْضُ وُجُودُهَا فِي الْوَاقِعِ. وَالْجَوَابُ مَا قُلْنَا إنَّ الْمُرَادَ بِهَا مَا هُوَ فِي عِلْمِهِمَا.
قَالَ (وَمَنْ بَاعَ جَارِيَةً قِيمَتُهَا أَلْفُ مِثْقَالِ فِضَّةٍ إلَخْ) الْجَمْعُ بَيْنَ النُّقُودِ وَغَيْرِهَا فِي الْبَيْعِ لَا يُخْرِجُ النُّقُودَ عَنْ كَوْنِهَا صَرْفًا بِمَا يُقَابِلُهَا مِنْ الثَّمَنِ بَاعَ جَارِيَةً قِيمَتُهَا أَلْفُ مِثْقَالِ فِضَّةٍ وَفِي عُنُقِهَا طَوْقُ فِضَّةٍ فِيهِ أَلْفُ مِثْقَالٍ بِأَلْفَيْ مِثْقَالٍ وَنَقَدَ مِنْ الثَّمَنِ أَلْفَ مِثْقَالٍ ثُمَّ افْتَرَقَا فَاَلَّذِي نَقَدَ ثَمَنَ الْفِضَّةِ؛ لِأَنَّ قَبْضَ حِصَّةِ الطَّوْقِ فِي الْمَجْلِسِ وَاجِبٌ حَقًّا لِلشَّرْعِ لِكَوْنِهِ بَدَلَ الصَّرْفِ، وَقَبْضُ ثَمَنِ الْجَارِيَةِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَلَا مُعَارَضَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute