أَحَدِ الْغَاصِبَيْنِ لِأَنَّ اخْتِيَارَهُ أَحَدَهُمَا يَتَضَمَّنُ التَّمْلِيكَ مِنْهُ فَلَا يُمْكِنُهُ التَّمْلِيكُ مِنْ الثَّانِي، أَمَّا الْمُطَالَبَةُ بِالْكَفَالَةِ لَا تَتَضَمَّنُ التَّمْلِيكَ فَوَضَحَ الْفَرْقُ
قَالَ (وَيَجُوزُ) (تَعْلِيقُ الْكَفَالَةِ بِالشُّرُوطِ) مِثْلُ أَنْ يَقُولَ مَا بَايَعْت فُلَانًا فَعَلَيَّ أَوْ مَا ذَابَ لَك عَلَيْهِ فَعَلَيَّ أَوْ مَا غَصَبَك فَعَلَيَّ. وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى ﴿وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ﴾ وَالْإِجْمَاعُ مُنْعَقِدٌ عَلَى صِحَّةِ
؛ لِأَنَّ اخْتِيَارَهُ أَحَدَهُمَا يَتَضَمَّنُ التَّمْلِيكَ إذَا قَضَى الْقَاضِي بِذَلِكَ فَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ التَّمْلِيكِ مِنْ الثَّانِي. أَمَّا الْمُطَالَبَةُ بِالْكَفَالَةِ فَلَا تَتَضَمَّنُ التَّمْلِيكَ.
قَالَ (وَيَجُوزُ تَعْلِيقُ الْكَفَالَةِ بِالشُّرُوطِ إلَخْ) يَجُوزُ تَعْلِيقُ الْكَفَالَةِ بِشَرْطٍ مُلَائِمٍ، مِثْلُ أَنْ يَكُونَ شَرْطًا لِوُجُوبِ الْحَقِّ كَقَوْلِهِ إذَا اسْتَحَقَّ الْمَبِيعُ أَوْ لِإِمْكَانِ الِاسْتِيفَاءِ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: إذَا قَدِمَ زَيْدٌ وَهُوَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ أَوْ لِتَعَذُّرِ الِاسْتِيفَاءِ مِثْلَ قَوْلِهِ إذَا غَابَ عَنْ الْبَلْدَةِ أَوْ إذَا مَاتَ وَلَمْ يَدَعْ شَيْئًا أَوْ إذَا حَلَّ مَا لَك عَلَيْهِ وَلَمْ يُوَفِّ بِهِ فَعَلَيَّ.
وَلَا يَجُوزُ بِشَرْطٍ مُجَرَّدٍ عَنْ الْمُلَاءَمَةِ كَقَوْلِهِ إنْ هَبَّتْ الرِّيحُ أَوْ جَاءَ الْمَطَرُ، وَقَيَّدَ بِكَوْنِ زَيْدٍ مَكْفُولًا عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ أَجْنَبِيًّا كَانَ التَّعْلِيقُ بِهِ كَمَا فِي هُبُوبِ الرِّيحِ. وَاسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ﴾ فَإِنَّ مُنَادِيَ يُوسُفَ ﵇ عَلَّقَ الِالْتِزَامَ بِالْكَفَالَةِ بِسَبَبِ وُجُوبِ الْمَالِ هُوَ الْمَجِيءُ بِصُوَاعِ الْمِلْكِ، وَكَانَ نِدَاؤُهُ بِأَمْرِ يُوسُفَ ﵇، وَشَرِيعَةُ مَنْ قَبْلَنَا شَرِيعَةٌ لَنَا إذَا قَصَّهَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ غَيْرِ إنْكَارٍ. وَفِيهِ بَحْثٌ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا مَا قَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ إنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مَحْمُولَةٌ عَلَى بَيَانِ الْعِمَالَةِ لِمَنْ يَأْتِي بِهِ لَا لِبَيَانِ الْكَفَالَةِ، فَهُوَ كَقَوْلِ مَنْ أَبَقَ عَبْدُهُ مَنْ جَاءَ بِهِ فَلَهُ عَشَرَةٌ فَلَا يَكُونُ كَفَالَةً؛ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ إنَّمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute