قَالَ (وَتَجُوزُ الْكَفَالَةُ بِأَمْرِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ وَبِغَيْرِ أَمْرِهِ) لِإِطْلَاقِ مَا رَوَيْنَا وَلِأَنَّهُ الْتِزَامُ الْمُطَالَبَةِ وَهُوَ تَصَرُّفٌ فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَفِيهِ نَفْعٌ لِلطَّالِبِ وَلَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى الْمَطْلُوبِ بِثُبُوتِ الرُّجُوعِ إذْ هُوَ عِنْدَ أَمْرِهِ وَقَدْ رَضِيَ بِهِ (فَإِنْ كَفَلَ بِأَمْرِهِ رَجَعَ بِمَا أَدَّى عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ قَضَى دَيْنَهُ بِأَمْرِهِ
دُيُونِ الصِّحَّةِ حَيْثُ يُقَدَّمُونَ عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ فِي حَالَةِ الْمَرَضِ.
قَالَ (وَتَجُوزُ الْكَفَالَةُ بِأَمْرِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ وَبِغَيْرِ أَمْرِهِ إلَخْ) الْكَفَالَةُ بِأَمْرِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ اضْمَنْ عَنِّي أَوْ تَكَفَّلْ عَنِّي وَبِغَيْرِ أَمْرِهِ سِيَّانِ فِي الْجَوَازِ؛ لِأَنَّ الدَّلِيلَ الدَّالَّ عَلَى جَوَازِهَا وَهُوَ قَوْلُهُ: ﷺ «الزَّعِيمُ غَارِمٌ» وَأَمْثَالُهُ لَا يَفْصِلُ بَيْنَ كَوْنِهَا بِأَمْرِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ؛ وَلِأَنَّ الْكَفَالَةَ الْتِزَامُ أَنْ يُطَالَبَ بِمَا عَلَى الْغَيْرِ، وَذَلِكَ تَصَرُّفٌ فِي حَقِّ نَفْسِهِ، وَكُلُّ مَا هُوَ تَصَرُّفٌ فِي النَّفْسِ فَهُوَ لَازِمٌ إذَا لَمْ يَتَضَرَّرْ بِهِ غَيْرُهُ، وَغَيْرُ الْمُتَصَرِّفِ هُنَا هُوَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ فَقَطْ وَالطَّالِبُ غَيْرُ مُتَضَرِّرٍ بَلْ مُنْتَفِعٌ لَا مَحَالَةَ، وَالْمَطْلُوبُ إنْ تَضَرَّرَ فَإِنَّمَا يَتَضَرَّرُ بِالرُّجُوعِ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا عِنْدَ الْأَمْرِ، فَمَا لَمْ يَأْمُرْ لَمْ يَتَضَرَّرْ، وَإِنْ أَمَرَ فَقَدْ رَضِيَ، وَالضَّرَرُ الْمَرَضُ غَيْرُ ضَائِرٍ فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْكَفَالَةَ بِنَوْعَيْهَا مِمَّا يَقْتَضِيهَا الْمُقْتَضِي مَعَ انْتِفَاءِ الْمَانِعِ وَكُلُّ مَا هُوَ كَذَلِكَ فَالْقَوْلُ بِجَوَازِهِ وَاجِبٌ. ثُمَّ إنْ كَفَلَ بِأَمْرِهِ رَجَعَ بِمَا أَدَّى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَضَى دَيْنَ غَيْرِهِ بِأَمْرِهِ، وَمَنْ قَضَى دَيْنَ غَيْرِهِ بِأَمْرِهِ يَرْجِعُ عَلَيْهِ، وَلَا يُنْتَقَضُ بِمَا إذَا كَانَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ صَبِيًّا مَحْجُورًا عَلَيْهِ أَوْ عَبْدًا كَذَلِكَ وَأَمَرَ الْكَفِيلَ فَإِنَّهُ إذَا أَدَّى لَا يَرْجِعُ عَلَى الصَّبِيِّ أَصْلًا وَلَا عَلَى الْعَبْدِ مَا دَامَ رَقِيقًا؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَمْرِ مَا هُوَ مُعْتَبَرٌ شَرْعًا وَمَا ذَكَرْتُمْ لَيْسَ كَذَلِكَ، وَلَا بِمَا إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ أَدِّ عَنِّي زَكَاةَ مَالِي أَوْ أَطْعِمْ عَنِّي عَشَرَةَ مَسَاكِينَ فَفَعَلَ فَقَدْ أَدَّى دَيْنَ غَيْرِهِ بِأَمْرِهِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَقُلْ الْآمِرُ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالدَّيْنِ هُوَ الدَّيْنُ الصَّحِيحُ وَمَا ذَكَرْتُمْ لَيْسَ كَذَلِكَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute