للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فَأَخَذَ ذَلِكَ مِنْهُ وَجَعَلَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ. فَعَرَفْنَا أَنَّ قَبُولَ الْهَدِيَّةِ مِنْ الرِّشْوَةِ إذَا كَانَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ.

وَأَمَّا الْقَبُولُ مِنْ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ وَلَا خُصُومَةَ لَهُ فَإِنَّهُ مِنْ جَوَالِبِ الْقَرَابَةِ، وَهُوَ مَنْدُوبٌ إلَى صِلَةِ الرَّحِمِ وَفِي الرَّدِّ مَعْنَى الْقَطِيعَةِ وَهُوَ حَرَامٌ. وَلَفْظُ الْكِتَابِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا مُهَادَاةٌ قَبْلَ الْقَضَاءِ وَأَنْ لَا يَكُونَ. وَعِبَارَةُ النِّهَايَةِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُهَادَاةَ بَيْنَهُمَا قَبْلَ الْقَضَاءِ شَرْطُ قَبُولِهَا كَالْأَجْنَبِيِّ، وَأَمَّا الْقَبُولُ مِمَّنْ جَرَتْ عَادَتُهُ قَبْلَ الْقَضَاءِ بِمُهَادَاتِهِ وَلَمْ يَزِدْ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِأَكْلٍ عَلَى الْقَضَاءِ بَلْ هُوَ جَرَى عَلَى الْعَادَةِ حَيْثُ لَمْ يَزِدْ عَلَى الْمُعْتَادِ وَلَيْسَ لَهُ خُصُومَةٌ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُهْدِيَ لِلْقَاضِي إمَّا أَنْ يَكُونَ ذَا خُصُومَةٍ أَوْ لَا، وَالْأَوَّلُ لَا يَجُوزُ قَبُولُ هَدَيْته مُطْلَقًا: أَيْ سَوَاءٌ كَانَ قَرِيبًا أَوْ مُهَادِيًا قَبْلَ الْقَضَاءِ أَوْ لَمْ يَكُنْ. وَالثَّانِي إمَّا أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا أَوْ مِمَّنْ جَرَتْ لَهُ الْعَادَةُ بِذَلِكَ أَوْ لَا، وَالثَّانِي كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ أَكْلٌ بِالْقَضَاءِ فَيَتَحَامَاهُ، وَالْأَوَّلُ يَجُوزُ قَبُولُهُ إنْ لَمْ يَزِدْ مَنْ لَهُ الْعَادَةُ عَلَى الْمُعْتَادِ.

وَقَالَ الْإِمَامُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ: إنْ زَادَ عَلَى الْمُعْتَادِ عِنْدَمَا ازْدَادَ مَا لَا يَقْدِرُ مَا زَادَ فِي الْمَالِ لَا بَأْسَ بِقَبُولِهِ، ثُمَّ إنْ أَخَذَ الْقَاضِي مَا لَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ مَاذَا يَصْنَعُ بِهِ؟ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فَبَعْضُهُمْ قَالُوا: يَضَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَعَامَّتُهُمْ قَالُوا: يَرُدُّهَا عَلَى أَرْبَابِهَا إنْ عَرَفَهُمْ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهُمْ أَوْ يَعْرِفُهُمْ إلَّا أَنَّ الرَّدَّ يَتَعَذَّرُ لِبُعْدِهِمْ يَضَعُهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَحُكْمُهُ حُكْمُ اللُّقَطَةِ، وَإِنَّمَا يَضَعُهَا فِي بَيْتِ

<<  <  ج: ص:  >  >>