للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهُوَ نَقْلُ الشَّهَادَةِ فِي الْحَقِيقَةِ، وَيَخْتَصُّ بِشَرَائِطَ نَذْكُرُهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَجَوَازُهُ لِمِسَاسِ الْحَاجَةِ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ الْجَمْعُ بَيْنَ شُهُودِهِ وَخَصْمِهِ فَأَشْبَهَ الشَّهَادَةَ عَلَى الشَّهَادَةِ. وَقَوْلُهُ فِي الْحُقُوقِ يَنْدَرِجُ تَحْتَهُ الدَّيْنُ وَالنِّكَاحُ وَالنَّسَبُ وَالْمَغْصُوبُ وَالْأَمَانَةُ الْمَجْحُودَةُ وَالْمُضَارَبَةُ الْمَجْحُودَةُ لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الدَّيْنِ، وَهُوَ يُعْرَفُ بِالْوَصْفِ لَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى الْإِشَارَةِ، وَيُقْبَلُ فِي الْعَقَارِ أَيْضًا لِأَنَّ التَّعْرِيفَ فِيهِ بِالتَّحْدِيدِ.

قَوْلُهُ: وَهُوَ نَقْلُ الشَّهَادَةِ فِي الْحَقِيقَةِ وَتَخْتَصُّ بِشَرَائِطَ مِنْهَا الْعُلُومُ الْخَمْسَةُ، وَهِيَ أَنْ تَكُونَ مِنْ مَعْلُومٍ إلَى مَعْلُومٍ فِي مَعْلُومٍ لِمَعْلُومٍ عَلَى مَعْلُومٍ، وَسَنَذْكُرُ مَا عَدَاهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ (قَوْلُهُ: وَجَوَازُهُ) هُوَ الْمَوْعُودُ بِقَوْلِهِ عَلَى مَا نُبَيِّنُ، وَهُوَ يُشِيرُ إلَى أَنَّ جَوَازَهُ ثَابِتٌ بِمُشَابَهَتِهِ لِلشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ لِاتِّحَادِ الْمَنَاطِ وَهُوَ تَعَذُّرُ الْجَمْعِ بَيْنَ الشُّهُودِ وَالْخَصْمِ، فَكَمَا جُوِّزَ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ لِإِحْيَاءِ حُقُوقِ الْعِبَادِ فَكَذَا جُوِّزَ الْكِتَابُ لِذَلِكَ، وَلَا يُرَادُ بِالْمُشَابَهَةِ الْقِيَاسُ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْقِيَاسِ فَيُرَادُ بِهِ الِاتِّحَادُ فِي مَنَاطِ الِاسْتِحْسَانِ. (وَقَوْلُهُ): يَعْنِي الْقُدُورِيَّ (فِي الْحُقُوقِ يَنْدَرِجُ تَحْتَهُ الدَّيْنُ وَالنِّكَاحُ وَالنَّسَبُ وَالْمَغْصُوبُ) وَالْأَمَانَةُ الْمَجْحُودَةُ (وَالْمُضَارَبَةُ الْمَجْحُودَةُ؛ لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الدَّيْنِ) وَالدَّيْنُ يَجُوزُ فِيهِ الْكِتَابُ فَكَذَا فِيمَا كَانَ فِي مَنْزِلَتِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ يُعْرَفُ) أَيْ الدَّيْنُ (يُعْرَفُ بِالْوَصْفِ) يُشِيرُ إلَى ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: إلَى أَنَّ الدَّيْنَ إنَّمَا يَجُوزُ فِيهِ الْكِتَابُ؛ لِأَنَّهُ يُعْرَفُ بِالْوَصْفِ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْإِشَارَةِ، وَإِلَى أَنَّ مَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى الْإِشَارَةِ لَا يَجُوزُ فِيهِ الْكِتَابُ، وَإِلَى أَنَّ الْأُمُورَ الْمَذْكُورَةَ بِمَنْزِلَةِ الدَّيْنِ فِي أَنَّهَا تُعْرَفُ بِالْوَصْفِ لَا تَحْتَاجُ إلَى الْإِشَارَةِ.

وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ مَا سِوَى الدَّيْنِ يَحْتَاجُ إلَيْهَا فَإِنَّ الشَّاهِدَ يَحْتَاجُ إلَى الْإِشَارَةِ إلَى الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ فِي دَعْوَى النِّكَاحِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَكَذَلِكَ فِي الْبَاقِي فَكَانَتْ بِمَنْزِلَةِ الثِّيَابِ وَالْحَيَوَانِ، وَكِتَابُ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي لَا يَجُوزُ فِيهَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْإِشَارَةَ إلَى الْخَصْمِ شَرْطٌ فِيمَا ذَكَرْت وَهُوَ لَيْسَ بِمُدَّعًى بِهِ إنَّمَا هُوَ نَفْسُ النِّكَاحِ وَالْأَمَانَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مِنْ الْأَفْعَالِ؛ أَلَا تَرَى أَنَّ الْإِشَارَةَ إلَى الدَّائِنِ وَالْمَدْيُونِ لَا بُدَّ مِنْهَا عِنْدَ دَعْوَى الدَّيْنِ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمَانِعٍ بِالْإِجْمَاعِ (وَيُقْبَلُ كِتَابُ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي فِي الْعَقَارِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ التَّعْرِيفَ فِيهِ بِالتَّحْدِيدِ) وَذَلِكَ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْإِشَارَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>