الْقَاضِي إلَى الْمُزَكَّى وَرَسُولِهِ إلَى الْقَاضِي لِأَنَّ الْإِلْزَامَ بِالشَّهَادَةِ لَا بِالتَّزْكِيَةِ
أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، أَمَّا اشْتِرَاطُ الْحُجَّةِ فَلِأَنَّهُ مُلْزِمٌ وَلَا إلْزَامَ بِدُونِهَا، وَأَمَّا قَبُولُ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ فَلِأَنَّهُ حَقٌّ لَا يَسْقُطُ بِالشُّبُهَاتِ وَهُوَ مِمَّا يُطَّلَعُ عَلَيْهِ فَيُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجَالِ كَمَا فِي سَائِرِ الْحُقُوقِ، وَكَانَ الشَّعْبِيُّ يَقُولُ بِجَوَازِ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ قِيَاسًا عَلَى كِتَابِ أَهْلِ الْحَرْبِ.
وَأَجَابَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ بِخِلَافِ كِتَابِ الِاسْتِئْمَانِ: يَعْنِي إذَا جَاءَ مِنْ مَلِكِ أَهْلِ الْحَرْبِ فِي طَلَبِ الْأَمَانِ فَإِنَّهُ مَقْبُولٌ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ، حَتَّى لَوْ أَمَّنَهُ الْإِمَامُ صَحَّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُلْزِمٍ، فَإِنَّ لِلْإِمَامِ رَأْيًا فِي الْأَمَانِ وَتَرْكِهِ، وَبِخِلَافِ رَسُولِ الْقَاضِي إلَى الْمُزَكِّي وَعَكْسِهِ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ؛ لِأَنَّ الْإِلْزَامَ عَلَى الْحَاكِمِ لَيْسَ بِالتَّزْكِيَةِ بَلْ هُوَ بِالشَّهَادَةِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَضَى بِالشَّهَادَةِ بِلَا تَزْكِيَةٍ صَحَّ، وَقَوْلُهُ: وَبِخِلَافِ رَسُولِ الْقَاضِي إلَى الْمُزَكِّي قِيلَ قَدْ يُشِيرُ إلَى أَنَّ رَسُولَ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي غَيْرُ مُعْتَبَرٍ أَصْلًا فِي حَقِّ لُزُومِ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ بِبَيِّنَةٍ وَبِغَيْرِهَا، وَالْقِيَاسُ يَقْتَضِي اتِّحَادَ كِتَابِهِ وَرَسُولِهِ فِي الْقَبُولِ كَمَا فِي الْبَيْعِ فَإِنَّهُ كَمَا يَنْعَقِدُ بِكِتَابِهِ يَنْعَقِدُ بِرَسُولِهِ أَوْ اتِّحَادُهُمَا فِي عَدَمِهِ؛ لِأَنَّ الْقِيَاسَ يَأْبَى جَوَازَهُمَا، وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا بِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا وُرُودُ الْأَثَرِ فِي جَوَازِ الْكِتَابِ وَإِجْمَاعُ التَّابِعِينَ عَلَى الْكِتَابِ دُونَ الرَّسُولِ فَبَقِيَ عَلَى الْقِيَاسِ. وَالثَّانِي أَنَّ الْكِتَابَ كَالْخِطَابِ وَالْكِتَابُ وُجِدَ مِنْ مَوْضِعِ الْقَضَاءِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute