للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَذَا فِي غَيْرِ صُورَةٍ فِي الْكُتُبِ، أَمَّا إذَا كَانَ شَرْطًا لِحَقِّهِ فَلَا مُعْتَبَرَ بِهِ فِي جَعْلِهِ خَصْمًا

الِانْفِكَاكِ، فَإِذَا حَضَرَ الْغَائِبُ وَأَنْكَرَ لَا يُلْتَفَتُ إلَى إنْكَارِهِ وَلَا يُحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ، وَلَهُمَا نَظَائِرُ فِي الْكُتُبِ الْمَبْسُوطَةِ، وَالْمُصَنِّفُ لَمْ يَتَعَرَّضْ إلَّا لِلسَّبَبِيَّةِ، وَأَمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى شَيْئًا وَاحِدًا أَوْ شَيْئَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِالسَّبَبِ اللَّازِمِ، فَإِنَّ الشَّيْءَ إذَا ثَبَتَ ثَبَتَ بِلَوَازِمِهِ، وَقَيَّدْنَا السَّبَبَ بِقَوْلِنَا لَازِمًا احْتِرَازًا عَمَّا إذَا كَانَ سَبَبًا فِي وَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ.

فَإِنَّ الْحَاضِرَ فِيهِ لَا يَنْتَصِبُ خَصْمًا عَنْ الْغَائِبِ، كَمَا إذَا قَالَ رَجُلٌ لِامْرَأَةِ رَجُلٍ غَائِبٍ إنَّ زَوْجَك فُلَانًا الْغَائِبَ وَكَّلَنِي أَنْ أَحْمِلَكِ إلَيْهِ، فَقَالَتْ: إنَّهُ كَانَ قَدْ طَلَّقَنِي ثَلَاثًا وَأَقَامَتْ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً قُبِلَتْ بَيِّنَتُهَا فِي حَقِّ قِصَرِ يَدِ الْوَكِيلِ عَنْهَا لَا فِي حَقِّ إثْبَاتِ الطَّلَاقِ عَلَى الْغَائِبِ، حَتَّى إذَا حَضَرَ وَأَنْكَرَ الطَّلَاقَ يَجِبُ عَلَيْهَا إعَادَةُ الْبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَى الْغَائِبِ، وَهُوَ الطَّلَاقُ لَيْسَ بِسَبَبٍ لَازِمٍ لِثُبُوتِ مَا يُدَّعَى عَلَى الْحَاضِرِ وَهُوَ قِصَرُ يَدِهِ، فَإِنَّ الطَّلَاقَ مَتَى تَحَقَّقَ قَدْ لَا يُوجِبُ قِصَرَ يَدِ الْوَكِيلِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ وَكِيلًا بِالْحَمْلِ قَبْلَ الطَّلَاقِ، وَقَدْ يُوجِبُ بِأَنْ كَانَ وَكِيلًا بِالْحَمْلِ قَبْلَ الطَّلَاقِ فَكَانَ الْمُدَّعَى عَلَى الْغَائِبِ سَبَبًا لِثُبُوتِ الْمُدَّعَى عَلَى الْحَاضِرِ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ، فَقُلْنَا: يَقْضِي بِقِصَرِ الْيَدِ دُونَ الطَّلَاقِ عَمَلًا بِهِمَا. فَإِنْ قِيلَ: كَلَامُ الْمُصَنِّفِ سَاكِتٌ عَنْ هَذَا الْقَيْدِ قُلْت: اكْتَفَى بِالْإِطْلَاقِ لِصَرْفِ الْمُطْلَقِ إلَى الْكَامِلِ عَنْ التَّقْيِيدِ، وَإِنْ كَانَ أَعْنِي مَا يَدَّعِي بِهِ عَلَى الْغَائِبِ شَرْطًا لِحَقِّهِ، أَيْ لِحَقِّ الْمُدَّعِي عَلَى الْحَاضِرِ كَمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ طَلَّقَ فُلَانٌ امْرَأَتَهُ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَادَّعَتْ امْرَأَةُ الْحَالِفِ عَلَيْهِ أَنَّ فُلَانًا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَأَقَامَتْ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً قَالَ الْمُصَنِّفُ: فَلَا مُعْتَبَرَ بِهِ فِي جَعْلِهِ خَصْمًا عَنْ الْغَائِبِ وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ،؛ لِأَنَّ بَيِّنَتَهَا عَلَى فُلَانٍ الْغَائِبِ لَا تَصِحُّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ ابْتِدَاءُ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ.

وَقَالَ الْإِمَامُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ وَشَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْأُوزْجَنْدِيُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>