(وَإِذَا حَكَّمَ رَجُلَانِ رَجُلًا فَحَكَمَ بَيْنَهُمَا وَرَضِيَا بِحُكْمِهِ جَازَ) لِأَنَّ لَهُمَا وِلَايَةً عَلَى أَنْفُسِهِمَا فَصَحَّ تَحْكِيمُهُمَا وَيَنْفُذُ حُكْمُهُ عَلَيْهِمَا، وَهَذَا إذَا كَانَ الْمُحَكَّمُ بِصِفَةِ الْحَاكِمِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْقَاضِي فِيمَا بَيْنَهُمَا فَيُشْتَرَطُ أَهْلِيَّةُ الْقَضَاءِ، وَلَا يَجُوزُ تَحْكِيمُ الْكَافِرِ وَالْعَبْدِ وَالذِّمِّيِّ وَالْمَحْدُودِ فِي الْقَذْفِ وَالْفَاسِقِ وَالصَّبِيِّ لِانْعِدَامِ أَهْلِيَّةِ الْقَضَاءِ اعْتِبَارًا بِأَهْلِيَّةِ الشَّهَادَةِ وَالْفَاسِقُ إذَا حَكَمَ يَجِبُ أَنْ يَجُوزَ عِنْدَنَا كَمَا مَرَّ فِي الْمُوَلَّى
وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا وَالصَّحَابَةُ ﵃ كَانُوا مُجْتَمَعِينَ عَلَى جَوَازِ التَّحْكِيمِ (وَإِذَا حَكَّمَ رَجُلَانِ رَجُلًا لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمَا وَرَضِيَا بِحُكْمِهِ جَازَ؛ لِأَنَّ لَهُمَا وِلَايَةً عَلَى أَنْفُسِهِمَا فَيَصِحُّ تَحْكِيمُهُمَا وَإِذَا حَكَمَ لَزِمَهُمَا) لِصُدُورِ حُكْمِهِ عَنْ وِلَايَةٍ عَلَيْهِمَا (وَهَذَا إذَا كَانَ الْمُحَكَّمُ بِصِفَةِ الْحَاكِمِ الْمُوَلَّى؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَتِهِ فِيمَا بَيْنَهُمَا) وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمَا وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا فِي حَقِّ التَّعْلِيقِ وَالْإِضَافَةُ إلَى الْمُسْتَقْبَلِ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ لَكِنَّهَا وَقَعَتْ فَإِنَّهُمَا جَائِزَانِ فِي الْقَضَاءِ دُونَ التَّحْكِيمِ عِنْدَهُ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ التَّحْكِيمَ صَلَحَ مَعْنًى حَيْثُ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِتَرَاضِي الْخَصْمَيْنِ وَالْمَقْصُودُ بِهِ قَطْعُ الْمُنَازَعَةِ وَالصُّلْحُ لَا يُعَلَّقُ وَلَا يُضَافُ، بِخِلَافِ الْقَضَاءِ وَالْإِمَارَةِ؛ لِأَنَّهُ تَفْوِيضٌ (وَإِذَا كَانَ الْمُحَكَّمُ بِمَنْزِلَةِ الْحَاكِمِ) اُشْتُرِطَ لَهُ أَهْلِيَّةُ الْقَضَاءِ (فَلَوْ حَكَّمَا امْرَأَةً فِيمَا يَثْبُتُ بِالشُّبُهَاتِ جَازَ؛ لِأَنَّهَا مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ فِيهَا) قَالَ (وَلَا يَجُوزُ تَحْكِيمُ الْكَافِرِ وَالْعَبْدِ إلَخْ) قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ أَهْلِيَّةَ الْقَضَاءِ بِأَهْلِيَّةِ الشَّهَادَةِ فَمَنْ لَيْسَ فِيهِ ذَلِكَ لَا يُقَلَّدُ حَاكِمًا وَلَا مُحَكَّمًا، فَلَا يَجُوزُ تَحْكِيمُ الْكَافِرِ وَالْعَبْدِ وَالذِّمِّيِّ إنْ حَكَّمَهُ الْمُسْلِمُونَ، وَإِنْ حَكَّمَهُ أَهْلُ الذِّمَّةِ جَازَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَتَرَاضِيهِمَا عَلَيْهِ فِي حَقِّهِمَا كَتَقْلِيدِ السُّلْطَانِ إيَّاهُ، وَتَقْلِيدُ الذِّمِّيِّ لِيُحَكِّمَ بَيْنَ أَهْلِ الذِّمَّةِ صَحِيحٌ دُونَ الْإِسْلَامِ، فَكَذَا تَحْكِيمُهُ، وَالْمَحْدُودُ فِي الْقَذْفِ وَإِنْ تَابَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ عِنْدَنَا كَمَا سَيَأْتِي، وَالْفَاسِقُ وَالصَّبِيُّ لِعَدَمِ أَهْلِيَّةِ الشَّهَادَةِ فِيهِمَا لَكِنْ إذَا حُكِّمَ الْفَاسِقُ يَجِبُ أَنْ يَجُوزَ عِنْدَنَا كَمَا مَرَّ فِي أَوَّلِ أَدَبِ الْقَاضِي أَنَّ الْفَاسِقَ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَلَّدَ الْقَضَاءَ، وَلَوْ قُلِّدَ جَازَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute