للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ (وَمَنْ قَالَ لِآخَرَ لَك عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَقَالَ لَيْسَ لِي عَلَيْك شَيْءٌ ثُمَّ قَالَ فِي مَكَانِهِ بَلْ لِي عَلَيْك أَلْفُ دِرْهَمٍ فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ) لِأَنَّ إقْرَارَهُ هُوَ الْأَوَّلُ وَقَدْ ارْتَدَّ بِرَدِّ الْمُقَرِّ لَهُ، وَالثَّانِي دَعْوَى فَلَا بُدَّ مِنْ الْحُجَّةِ أَوْ تَصْدِيقِ خَصْمِهِ،

قَالَ (وَمَنْ قَالَ لِآخَرَ لَك عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْإِقْرَارَ إمَّا أَنْ يَكُونَ بِمَا يَحْتَمِلُ الْإِبْطَالَ أَوْ بِمَا لَا يَحْتَمِلُهُ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَإِمَّا أَنْ يَسْتَقِلَّ الْمُقِرُّ بِإِثْبَاتِهِ أَوْ لَا، وَالْأَوَّلُ يَرْتَدُّ بِرَدِّ الْمُقَرِّ لَهُ مُسْتَقِلًّا بِذَلِكَ كَمَا أَنَّ الْمُقِرَّ يَسْتَقِلُّ بِإِثْبَاتِهِ، وَالثَّانِي يَحْتَاجُ إلَى تَصْدِيقِ خَصْمِهِ، فَعَلَى هَذَا إذَا قَالَ لِآخَرَ لَك عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَقَالَ لَيْسَ لِي عَلَيْك شَيْءٌ. ثُمَّ قَالَ فِي مَكَانِهِ بَلْ لِي عَلَيْك أَلْفُ دِرْهَمٍ فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْمُقِرَّ أَقَرَّ بِمَا يَحْتَمِلُ الْإِبْطَالَ وَهُوَ مُسْتَقِلٌّ بِإِثْبَاتِ مَا أَقَرَّ بِهِ لَا مَحَالَةَ، وَقَدْ رَدَّهُ الْمُقَرُّ لَهُ فَيَرْتَدُّ.

وَقَوْلُهُ: بَلْ لِي عَلَيْك أَلْفُ دِرْهَمٍ غَيْرُ مُفِيدٍ؛ لِأَنَّهُ دَعْوَى فَلَا بُدَّ لَهَا مِنْ حُجَّةٍ: أَيْ بَيِّنَةٍ أَوْ تَصْدِيقِ الْخَصْمِ حَتَّى لَوْ صَدَّقَهُ الْمُقِرُّ ثَانِيًا لَزِمَهُ الْمَالُ اسْتِحْسَانًا.

وَإِذَا قَالَ اشْتَرَيْت مِنِّي هَذَا الْعَبْدَ فَأَنْكَرَ لَهُ أَنْ يُصَدِّقَهُ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ وَإِنْ كَانَ بِمَا يَحْتَمِلُ الْإِبْطَالَ لَكِنَّ الْمُقِرَّ لَمْ يَسْتَقِلَّ بِإِثْبَاتِهِ فَلَا يَتَفَرَّدُ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ بِالْفَسْخِ كَمَا لَا يَتَفَرَّدُ بِالْعَقْدِ: يَعْنِي الْمُقَرُّ لَهُ لَا يَتَفَرَّدُ بِالرَّدِّ، كَمَا أَنَّ الْمُقِرَّ لَا يَتَفَرَّدُ بِإِثْبَاتِهِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ حَقُّهُمَا فَبَقِيَ الْعَقْدُ فَعَمِلَ التَّصْدِيقُ، بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَإِنَّ أَحَدَهُمَا يَتَفَرَّدُ بِالْإِثْبَاتِ فَيَتَفَرَّدُ الْآخَرُ بِالرَّدِّ. قُلْت: إنَّ عَزْمَ الْمُقِرِّ عَلَى تَرْكِ

<<  <  ج: ص:  >  >>