وَوَجْهُ الظَّاهِرِ أَنَّ شَرْطَ الْبَرَاءَةِ تَغْيِيرٌ لِلْعَقْدِ مِنْ اقْتِضَاءِ وَصْفِ السَّلَامَةِ إلَى غَيْرِهِ فَيَسْتَدْعِي وُجُودَ الْبَيْعِ وَقَدْ أَنْكَرَهُ فَكَانَ مُنَاقِضًا، بِخِلَافِ الدَّيْنِ لِأَنَّهُ قَدْ يُقْضَى وَإِنْ كَانَ بَاطِلًا عَلَى مَا مَرَّ.
قَالَ (ذِكْرُ حَقٍّ كُتِبَ فِي أَسْفَلِهِ وَمَنْ قَامَ بِهَذَا الذِّكْرِ الْحَقِّ فَهُوَ وَلِيُّ مَا فِيهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، أَوْ كُتِبَ فِي شِرَاءٍ فَعَلَى فُلَانٍ خَلَاصُ ذَلِكَ وَتَسْلِيمُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى بَطَلَ الذِّكْرُ كُلُّهُ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀. وَقَالَا: إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى هُوَ عَلَى الْخَلَاصِ وَعَلَى مَنْ قَامَ بِذِكْرِ الْحَقِّ، وَقَوْلُهُمَا اسْتِحْسَانٌ ذَكَرَهُ فِي الْإِقْرَارِ) لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَنْصَرِفُ إلَى مَا يَلِيهِ لِأَنَّ الذِّكْرَ لِلِاسْتِيثَاقِ، وَكَذَا الْأَصْلُ فِي الْكَلَامِ الِاسْتِبْدَادُ
قُبِلَتْ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْحَقِّ قَدْ يُقْضَى فَأَمْكَنَ التَّوْفِيقُ، فَكَذَلِكَ يَجُوزُ هَاهُنَا أَنْ يَقُولَ: لَمْ يَكُنْ بَيْنَنَا بَيْعٌ لَكِنَّهُ لَمَّا ادَّعَى عَلَيَّ الْبَيْعَ سَأَلْته أَنْ يُبَرِّئَنِي مِنْ الْعَيْبِ فَأَبْرَأَنِي. وَجْهُ الظَّاهِرِ أَنَّ شَرْطَ الْبَرَاءَةِ تَغْيِيرٌ لِلْعَقْدِ مِنْ اقْتِضَاءِ وَصْفِ السَّلَامَةِ إلَى غَيْرِهِ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي وُجُودَ أَصْلِ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الصِّفَةَ بِدُونِ الْمَوْصُوفِ غَيْرُ مُتَصَوَّرَةٍ وَهُوَ قَدْ أَنْكَرَهُ فَكَانَ مُنَاقِضًا، بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُقْضَى وَإِنْ كَانَ بَاطِلًا عَلَى مَا مَرَّ.
قَالَ (ذِكْرُ حَقٍّ كَتَبَ فِي أَسْفَلِهِ إلَخْ) إذَا أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ وَكَتَبَ صَكًّا وَكَتَبَ فِي آخِرِهِ: وَمَنْ قَامَ بِهَذَا الذِّكْرِ الْحَقِّ فَهُوَ وَلِيُّ مَا فِيهِ، وَأَرَادَ بِذَلِكَ مَنْ أَخْرَجَ هَذَا الصَّكَّ وَطَلَبَ مَا فِيهِ مِنْ الْحَقِّ فَلَهُ وِلَايَةُ ذَلِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَوْ كَتَبَ فِي كِتَابِ شِرَاءٍ مَا أَدْرَكَ فِيهِ فُلَانًا مِنْ دَرَكٍ فَعَلَى فُلَانٍ خَلَاصُهُ وَتَسْلِيمُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى بَطَلَ الذِّكْرُ كُلُّهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀، وَقَالَا: الِاسْتِثْنَاءُ يَنْصَرِفُ إلَى قَوْلِهِ عَلَى فُلَانٍ خَلَاصُهُ وَإِلَى مَنْ قَامَ بِذِكْرِ الْحَقِّ وَالشِّرَاءُ صَحِيحٌ، وَالْمَالُ الْمُقَرُّ بِهِ لَازِمٌ؛ لِأَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ، وَالِاسْتِثْنَاءُ يَنْصَرِفُ إلَى مَا يَلِيهِ؛ لِأَنَّهُ لِلِاسْتِيثَاقِ وَالتَّوْكِيدِ وَصَرْفُهُ إلَى الْجَمِيعِ مُبْطِلٌ، فَمَا فُرِضَ لِلِاسْتِيثَاقِ لَمْ يَكُنْ لَهُ، هَذَا خُلْفٌ بَاطِلٌ، وَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْكَلَامِ الِاسْتِبْدَادُ فَلَا يَكُونُ مَا فِي الصَّكِّ بَعْضُهُ مُرْتَبِطًا بِبَعْضٍ فَيَنْصَرِفُ الِاسْتِثْنَاءُ إلَى مَا يَلِيهِ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ.
وَالْجَوَابُ أَنَّ الذِّكْرَ لِلِاسْتِيثَاقِ مُطْلَقًا، أَوْ إذَا لَمْ يَكْتُبْ فِي آخِرِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَالثَّانِي مُسَلَّمٌ وَلَا كَلَامَ فِيهِ، وَالْأَوَّلُ عَيْنُ النِّزَاعِ، وَالْأَصْلُ فِي الْكَلَامِ الِاسْتِبْدَالُ إذَا لَمْ يُوجَدْ مَا يَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ وَقَدْ وُجِدَ ذَلِكَ وَهُوَ الْعَطْفُ، وَلِأَبِي حَنِيفَةَ ﵀ أَنَّ الْكُلَّ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ كَشَيْءٍ وَاحِدٍ بِحُكْمِ الْعَطْفِ فَيَنْصَرِفُ إلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute