للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ (وَإِذَا قُسِمَ الْمِيرَاثُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ وَالْوَرَثَةِ فَإِنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ كَفِيلٌ وَلَا مِنْ وَارِثٍ وَهَذَا شَيْءٌ احْتَاطَ بِهِ بَعْضُ الْقُضَاةِ وَهُوَ ظُلْمٌ) وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَقَالَا: يُؤْخَذُ الْكَفِيلُ، وَالْمَسْأَلَةُ فِيمَا إذَا ثَبَتَ الدَّيْنُ وَالْإِرْثُ بِالشَّهَادَةِ وَلَمْ يَقُلْ الشُّهُودُ لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ.

تَقَدَّمَ فِي أَدَبِ الْقَاضِي، وَأَمَّا إذَا كَانَ الدَّفْعُ بِقَضَاءٍ كَانَ فِي الْإِقْرَارِ الثَّانِي مُكَذِّبًا شَرْعًا فَلَا يَلْزَمُهُ الْإِقْرَارُ بِهِ

قَالَ (وَإِذَا قَسَمَ الْمِيرَاثَ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ إلَخْ) إذَا حَضَرَ رَجُلٌ وَادَّعَى دَارًا فِي يَدِ آخَرَ أَنَّهَا كَانَتْ لِأَبِيهِ مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا لَهُ؛ فَإِمَّا أَنْ يُقِرَّ بِهِ ذُو الْيَدِ أَوْ لَا، فَإِنْ كَانَ الثَّانِي وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً فَهُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا أَنَّهُمْ قَالُوا تَرْكُهَا مِيرَاثًا لِوَرَثَتِهِ وَلَمْ يَعْرِفُوهُمْ وَلَا عَدَدَهُمْ وَفِيهِ لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ وَلَا يُدْفَعُ إلَيْهِ شَيْءٌ حَتَّى يُقِيمَ بَيِّنَةً عَلَى عَدَدِ الْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّهُمْ مَا لَمْ يَشْهَدُوا عَلَى ذَلِكَ لَمْ يُعْرَفْ نَصِيبُ هَذَا الْوَاحِدِ مِنْهُمْ، وَالْقَضَاءُ بِالْمَجْهُولِ مُتَعَذِّرٌ. وَالثَّانِي أَنَّهُمْ شَهِدُوا أَنَّهُ ابْنُهُ وَوَارِثُهُ لَا نَعْرِفُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ، وَفِيهِ يَقْضِي الْحَاكِمُ بِجَمِيعِ التَّرِكَةِ مِنْ غَيْرِ تَلَوُّمٍ وَهَاتَانِ بِالِاتِّفَاقِ. وَالثَّالِثُ أَنَّهُمْ إذَا شَهِدُوا أَنَّهُ ابْنُ فُلَانٍ مَالِكِ هَذِهِ الدَّارِ وَلَمْ يَشْهَدُوا عَلَى عَدَدِ الْوَرَثَةِ وَلَمْ يَقُولُوا فِي شَهَادَتِهِمْ لَا نَعْرِفُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ، فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَتَلَوَّمُ زَمَانًا عَلَى قَدْرِ مَا يَرَى.

وَقَدَّرَ الطَّحَاوِيُّ مُدَّةَ التَّلَوُّمِ بِالْحَوْلِ، فَإِنْ حَضَرَ وَارِثٌ غَيْرُهُ قُسِمَتْ فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ دَفَعَ الدَّارَ إلَيْهِ إنْ كَانَ الْحَاضِرُ مِمَّنْ لَا يُحْجَبُ حِرْمَانًا كَالْأَبِ وَالِابْنِ، فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يُحْجَبُ بِغَيْرِهِ كَالْجَدِّ وَالْأَخِ فَإِنَّهُ لَا يَدْفَعُ إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يُحْجَبُ نُقْصَانًا كَالزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ يَدْفَعُ إلَيْهِ أَوْفَرَ النَّصِيبَيْنِ وَهُوَ النِّصْفُ وَالرُّبُعُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ ، وَأَقَلُّهُمَا وَهُوَ الرُّبُعُ وَالثُّمُنُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ ، وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ مُضْطَرِبٌ، فَإِذَا كَانَ مِمَّنْ لَا يُحْجَبُ وَدُفِعَتْ الدَّارُ إلَيْهِ هَلْ يُؤْخَذُ مِنْهُ كَفِيلٌ بِمَا دَفَعَ إلَيْهِ؟ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : لَا يُؤْخَذُ وَنَسَبَ الْقَائِلَ بِهِ إلَى الظُّلْمِ. قِيلَ أَرَادَ بِهِ ابْنَ أَبِي لَيْلَى وَقَالَا: لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ يُؤْخَذُ الْكَفِيلُ بِالِاتِّفَاقِ لِكَوْنِ الْإِقْرَارِ حُجَّةً قَاصِرَةً. لَهُمَا أَنَّ الْقَاضِيَ نَاظِرٌ لِلْغَيْبِ وَلَا نَظَرَ بِتَرْكِ الِاحْتِيَاطِ فِي أَخْذِ الْكَفِيلِ فَيَحْتَاطُ الْقَاضِي بِأَخْذِهِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>