صَاحِبِهِ وَأَعْطَى امْرَأَةَ الْغَائِبِ النَّفَقَةَ مِنْ مَالِهِ. وَلِأَبِي حَنِيفَةَ ﵀ أَنَّ حَقَّ الْحَاضِرِ ثَابِتٌ قَطْعًا، أَوْ ظَاهِرًا فَلَا يُؤَخَّرُ لِحَقٍّ مَوْهُومٍ إلَى زَمَانِ التَّكْفِيلِ كَمَنْ أَثْبَتَ الشِّرَاءَ مِمَّنْ فِي يَدِهِ أَوْ أَثْبَتَ الدَّيْنَ عَلَى الْعَبْدِ حَتَّى بِيعَ فِي دَيْنِهِ لَا يَكْفُلُ، وَلِأَنَّ الْمَكْفُولَ لَهُ مَجْهُولٌ فَصَارَ كَمَا إذَا كُفِلَ لِأَحَدِ الْغُرَمَاءِ
فِي حَقِّ الْعَبْدِ مُتَوَهَّمًا فَلَا يُؤَخَّرُ حَقُّ الْحَاضِرِ لِحَقٍّ مَوْهُومٍ إلَى زَمَانِ التَّكْفِيلِ.
(قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الْمَكْفُولَ لَهُ) دَلِيلٌ آخَرُ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ أَخْذِ الْكَفِيلِ، وَذَلِكَ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ جَهَالَةَ الْمَكْفُولِ لَهُ تَمْنَعُ صِحَّةَ الْكَفَالَةِ وَهَاهُنَا الْمَكْفُولُ لَهُ مَجْهُولٌ فَلَا يَصِحُّ كَمَا لَوْ كَفَلَ لِأَحَدِ الْغُرَمَاءِ. فَإِنْ قِيلَ: إذَا أَقَرَّ بِهِ ذُو الْيَدِ يُؤْخَذُ مِنْهُ كَفِيلٌ بِالِاتِّفَاقِ كَمَا تَقَدَّمَ وَذَلِكَ كَفَالَةٌ لِمَجْهُولٍ. أُجِيبَ بِأَنَّهُ إذَا أَقَرَّ بِهِ لَمْ يَبْقَ لَهُ فِيهِ مِلْكٌ وَلَمْ يُثْبِتْ لِلْمُقَرِّ لَهُ بِحُجَّةٍ كَامِلَةٍ فَكَانَ مَظِنَّةَ أَنَّ ثَمَّةَ مَالِكًا لَا مَحَالَةَ، وَأَقَلُّ ذَلِكَ يُثْبِتُ الْمَالَ وَهُوَ مَعْلُومٌ فَكَانَ التَّكْفِيلُ لَهُ. وَنَقَلَ التُّمُرْتَاشِيُّ فِيهِ خِلَافًا فَإِنْ ثَبَتَ فَلَا إشْكَالَ. لَا يُقَالُ: الْحَاكِمُ يَأْخُذُ الْكَفِيلَ لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِخَصْمٍ وَلَا لِلْمَيِّتِ؛ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ لِتَوْثِيقِ الْمُطَالَبَةِ كَمَا مَرَّ وَهِيَ مِنْ الْمَيِّتِ غَيْرُ مُتَصَوَّرَةٍ.
وَعُورِضَ بِأَنَّ الْقَاضِيَ يَتَلَوَّمُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى مَا يَرَاهُ، وَفِي ذَلِكَ تَأْخِيرٌ لِحَقٍّ ثَابِتٍ قَطْعًا أَوْ ظَاهِرًا كَمَا ذَكَرْتُمْ لِحَقٍّ مَوْهُومٍ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ التَّأْخِيرَ جَائِزٌ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ التَّلَوُّمَ لَيْسَ لِلْحَقِّ الْمَوْهُومِ، بَلْ إنَّمَا هُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute