للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاحْتِمَالُ كَوْنِهِ مُخْتَارَ الْمَيِّتِ ثَابِتٌ فَلَا تُنْقَضُ يَدُهُ كَمَا إذَا كَانَ مُقِرًّا وَجُحُودُهُ قَدْ ارْتَفَعَ بِقَضَاءِ الْقَاضِي، وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْجُحُودِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لِصَيْرُورَةِ الْحَادِثَةِ مَعْلُومَةً لَهُ وَلِلْقَاضِي، وَلَوْ كَانَتْ الدَّعْوَى فِي مَنْقُولٍ فَقَدْ قِيلَ يُؤْخَذُ مِنْهُ بِالِاتِّفَاقِ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى الْحِفْظِ وَالنَّزْعُ أَبْلَغُ فِيهِ،

قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ) أَيْ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ (ظُلْمٌ: أَيْ مَيْلٌ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ) إنَّمَا ذَكَرَهُ تَمْهِيدًا لِمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَهَذَا) أَيْ إطْلَاقُ الظُّلْمِ عَلَى الْمُجْتَهَدِ فِيهِ (يَكْشِفُ عَنْ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْمُجْتَهِدَ يُخْطِئُ وَيُصِيبُ) وَيُقَرِّرُ أَنَّ مَذْهَبَ أَصْحَابِنَا الْمُتَقَدِّمِينَ بَرَاءٌ عَنْ مَذْهَبِ أَهْلِ الِاعْتِزَالِ فِي أَنَّ كُلَّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ، وَادِّعَائِهِمْ أَنْ ذَلِكَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَقَدْ قَرَّرْنَا ذَلِكَ فِي التَّقْرِيرِ بِعَوْنِ اللَّهِ تَعَالَى مُسْتَوْفًى.

قَالَ (وَإِذَا كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِ رَجُلٍ إلَخْ) دَارٌ فِي يَدِ رَجُلٍ أَقَامَ آخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخُوهُ فَلِأَنَّ الْغَائِبَ قَضَى لَهُ بِالنِّصْفِ وَتَرَكَ النِّصْفَ الْآخَرَ فِي يَدِ ذِي الْيَدِ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْ ذِي الْيَدِ كَفِيلٌ، وَهَذَا: أَيْ تَرْكُ النِّصْفِ الْآخَرِ فِي يَدِ مَنْ فِي يَدِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَأَمَّا عَدَمُ الِاسْتِيثَاقِ بِالْكَفِيلِ هَاهُنَا فَبِالْإِجْمَاعِ، وَقَالَا: مَنْ فِي يَدِهِ الدَّارُ إنْ كَانَ جَاحِدًا أُخِذَ مِنْهُ النِّصْفُ الْآخَرُ وَجُعِلَ فِي يَدِ أَمِينٍ وَإِلَّا تُرِكَ فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّ الْجَاحِدَ خَائِنٌ وَالْخَائِنُ لَا يُتْرَكُ مَالُ الْغَيْرِ فِي يَدِهِ وَالْمُقِرُّ أَمِينٌ فَيَجُوزُ أَنْ يُتْرَكَ الْمَالُ بِيَدِهِ. وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْقَضَاءَ وَقَعَ لِلْمَيِّتِ مَقْصُودًا تُقْضَى مِنْهُ دُيُونُهُ وَتَنْفُذُ وَصَايَاهُ وَمَنْ وَقَعَ لَهُ الْقَضَاءُ يُعْتَبَرُ فِيمَنْ الْمَقْضِيُّ بِيَدِهِ كَوْنُهُ مُخْتَارًا لَهُ وَهُوَ ثَابِتٌ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ فَلَا تُنْقَضُ يَدُهُ بِيَدِ مَنْ هُوَ غَيْرُ مُخْتَارٍ لَهُ، وَإِنَّمَا قَالَ وَاحْتِمَالُ كَوْنِهِ؛ لِأَنَّ كَوْنَ الْمَالِ بِيَدِ مَنْ هُوَ بِيَدِهِ بِاخْتِيَارِ الْمَيِّتِ لَيْسَ بِقَطْعِيٍّ، وَاحْتِمَالُ ذَلِكَ يُفِيدُ الْمَطْلُوبَ فَاكْتُفِيَ بِهِ كَمَا إذَا كَانَ مَنْ بِيَدِهِ مُقِرًّا فَإِنَّهُ إنَّمَا يُتْرَكُ الْبَاقِي بِيَدِهِ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَجُحُودُهُ) جَوَابٌ عَمَّا ذَكَرَاهُ. وَوَجْهُهُ أَنَّ الْخِيَانَةَ بِالْجُحُودِ إمَّا أَنْ تَكُونَ بِاعْتِبَارِ مَا مَضَى أَوْ مَا سَيَأْتِي، وَالْأَوَّلُ قَدْ ارْتَفَعَ بِقَضَاءِ الْقَاضِي فَكَذَا لَازِمُهُ. وَالثَّانِي ظَاهِرُ الْعَدَمِ؛ لِأَنَّ الْحَادِثَةَ لَمَّا صَارَتْ مَعْلُومَةً لِلْقَاضِي وَلِمَنْ بِيَدِهِ ذَلِكَ، وَكُتِبَتْ فِي الْخَرِيطَةِ الظَّاهِرُ أَنْ لَا يَجْحَدَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لِعِلْمِهِ بِعَدَمِ الْفَائِدَةِ. لَا يُقَالُ: مَوْتُ الْقَاضِي وَالشُّهُودِ وَنِسْيَانُهُمَا لِلْحَادِثَةِ وَاحْتِرَاقُ الْخَرِيطَةِ أُمُورٌ مُحْتَمَلَةٌ فَكَانَ الْجُحُودُ مُحْتَمَلًا؛؛ لِأَنَّ ذَلِكَ نَادِرٌ وَالنَّادِرُ لَا حُكْمَ لَهُ (وَلَوْ كَانَتْ الدَّعْوَى فِي مَنْقُولٍ) وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>