(وَالشَّهَادَةُ عَلَى مَرَاتِبَ: مِنْهَا الشَّهَادَةُ فِي الزِّنَا يُعْتَبَرُ فِيهَا أَرْبَعَةٌ مِنْ الرِّجَالِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَاللاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ﴾ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ﴾ (وَلَا تُقْبَلُ فِيهَا شَهَادَةُ النِّسَاءِ) لِحَدِيثِ الزُّهْرِيِّ ﵁: مَضَتْ السُّنَّةُ مِنْ لَدُنْ رَسُولِ اللَّهِ ﵊ وَالْخَلِيفَتَيْنِ مِنْ بَعْدِهِ أَنْ لَا شَهَادَةَ لِلنِّسَاءِ فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ، وَلِأَنَّ فِيهَا شُبْهَةَ الْبَدَلِيَّةِ لِقِيَامِهَا مَقَامَ شَهَادَةِ الرِّجَالِ فَلَا تُقْبَلُ فِيمَا يَنْدَرِئُ بِالشُّبُهَاتِ
(وَمِنْهَا الشَّهَادَةُ بِبَقِيَّةِ الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ تُقْبَلُ فِيهَا شَهَادَةُ رَجُلَيْنِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ﴾
لَا يَجْتَمِعَانِ الْقَطْعُ وَالضَّمَانُ، وَأَحَدُهُمَا حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَالْآخَرُ حَقُّ الْعَبْدِ، وَالسَّتْرُ الْكُلِّيُّ إبْطَالٌ لَهُمَا وَفِيهِ تَضْيِيعُ حَقِّ الْعَبْدِ فَلَا يَجُوزُ. وَالْإِقْدَامُ عَلَى إظْهَارِ السَّرِقَةِ تَرْجِيحُ حَقِّ اللَّهِ الْغَنِيِّ عَلَى حَقِّ الْعَبْدِ الْمُحْتَاجِ وَهُوَ لَا يَجُوزُ فَتَعَيَّنَ الشَّهَادَةُ عَلَى الْمَالِ دُونَ السَّرِقَةِ.
قَالَ (وَالشَّهَادَةُ عَلَى مَرَاتِبَ) رَتَّبَهَا الشَّرْعُ عَلَى مَا عَلِمَ فِيهَا مِنْ الْحِكْمَةِ، فَمِنْهَا الشَّهَادَةُ بِالزِّنَا يُعْتَبَرُ فِيهَا أَرْبَعَةٌ مِنْ الرِّجَالِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَاللاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ﴾ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ﴾ وَلَفْظُ أَرْبَعَةٍ نَصٌّ فِي الْعَدَدِ وَالذُّكُورَةِ وَأَمَّا الْإِسْلَامُ وَالْعَقْلُ وَالْعَدَالَةُ فَقَدْ تَقَدَّمَ اشْتِرَاطُهَا.
وَأَمَّا اشْتِرَاطُ الْأَرْبَعَةِ فِيهِ دُونَ الْقَتْلِ الْعَمْدِ وَغَيْرِهِ فَالظَّاهِرُ مِنْهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ السَّتْرَ عَلَى عِبَادِهِ وَلَا يَرْضَى بِإِشَاعَةِ الْفَاحِشَةِ (وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ لِحَدِيثِ الزُّهْرِيِّ: «مَضَتْ السُّنَّةُ مِنْ لَدُنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَالْخَلِيفَتَيْنِ يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ ﵄ مِنْ بَعْدِهِ أَنْ لَا شَهَادَةَ لِلنِّسَاءِ فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ») وَتَخْصِيصُهُمَا بِالذِّكْرِ لِمَا وَرَدَ فِي حَقِّهِمَا مِنْ قَوْلِهِ ﷺ «اقْتَدُوا بِاَللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ» (وَلِأَنَّ فِي شَهَادَتِهِنَّ شُبْهَةَ الْبَدَلِيَّةِ لِقِيَامِهَا مَقَامَ شَهَادَةِ الرِّجَالِ) فِي غَيْرِ الْحُدُودِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ﴾ عَلَى سِيَاقِ قَوْله تَعَالَى ﴿فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ﴾ وَإِنَّمَا قَالَ شُبْهَةَ الْبَدَلِيَّةِ؛ لِأَنَّ حَقِيقَتَهَا إنَّمَا تَكُونُ فِيمَا امْتَنَعَ الْعَمَلُ بِالْبَدَلِ مَعَ إمْكَانِ الْأَصْلِ كَالْآيَةِ الثَّانِيَةِ، وَلَيْسَ شَهَادَتُهُنَّ كَذَلِكَ فَإِنَّهَا جَائِزَةٌ مَعَ إمْكَانِ الْعَمَلِ بِشَهَادَةِ الرَّجُلَيْنِ، وَإِذَا كَانَ فِيهَا شُبْهَةُ الْبَدَلِيَّةِ (فَلَا تُقْبَلُ فِيمَا يَنْدَرِئُ بِالشُّبُهَاتِ).
(وَمِنْهَا الشَّهَادَةُ بِبَقِيَّةِ الْحُدُودِ) كَحَدِّ الشُّرْبِ وَالسَّرِقَةِ وَحَدِّ الْقَذْفِ (وَالْقِصَاصُ تُقْبَلُ فِيهَا شَهَادَةُ رَجُلَيْنِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ﴾ فَإِنَّهُ بِعُمُومِهِ يَتَنَاوَلُ الْمَطْلُوبَ وَغَيْرَهُ لِمَا مَرَّ مِنْ عُمُومِ اللَّفْظِ، وَهُوَ نَصٌّ فِي بَيَانِ الْعَدَدِ وَالذُّكُورَةِ وَالْبُلُوغِ خَلَا أَنَّ بَابَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute