للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَّا أَنْ يُشْهِدَ عَلَيْهَا) لِأَنَّ الشَّهَادَةَ غَيْرُ مُوجِبَةٍ بِنَفْسِهَا، وَإِنَّمَا تَصِيرُ مُوجِبَةً بِالنَّقْلِ إلَى مَجْلِسِ الْقَضَاءِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِنَابَةِ وَالتَّحْمِيلِ وَلَمْ يُوجَدْ (وَكَذَا لَوْ سَمِعَهُ يُشْهِدُ الشَّاهِدَ عَلَى شَهَادَتِهِ لَمْ يَسَعْ لِلسَّامِعِ أَنْ يَشْهَدَ) لِأَنَّهُ مَا حَمَلَهُ وَإِنَّمَا

؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ) أَيْ شَهَادَةَ الْأُصُولِ (مُوجِبَةٌ بِالنَّقْلِ إلَى مَجْلِسِ الْقَضَاءِ) وَلَا يَكُونُ النَّقْلُ إلَّا بِالْإِنَابَةِ وَالتَّحْمِيلِ. وَالْأَوَّلُ إشَارَةٌ إلَى مَذْهَبِ مُحَمَّدٍ فَإِنَّهُ يَقُولُ بِطَرِيقِ التَّوْكِيلِ وَلَا تَوْكِيلَ إلَّا بِأَمْرِ الْمُوَكِّلِ، وَالثَّانِي إشَارَةٌ إلَى مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ فَإِنَّهُمَا لَمْ يَجْعَلَاهُ بِطَرِيقِ التَّوْكِيلِ بَلْ بِطَرِيقِ التَّحْمِيلِ.

قَالَ الْإِمَامُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ: أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ فَإِنَّ الْحُكْمَ يُضَافُ إلَى الْفُرُوعِ، لَكِنَّ تَحَمُّلَهُمْ إنَّمَا يَصِحُّ بِعِيَانِ مَا هُوَ حُجَّةٌ، وَالشَّهَادَةُ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْقَاضِي لَيْسَتْ بِحُجَّةٍ فَيَجِبُ النَّقْلُ إلَى مَجْلِسِ الْقَاضِي لِيَصِيرَ حُجَّةً فَيَتَبَيَّنُ أَنَّ التَّحْمِيلَ حَصَلَ بِمَا هُوَ حُجَّةٌ فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ النَّقْلِ لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ التَّحْمِيلِ، وَفِيهِ مُطَالَبَةٌ؛ لِأَنَّا سَلَّمْنَا أَنَّ النَّقْلَ لَا بُدَّ مِنْهُ، وَلَكِنَّ تَوَقُّفَهُ عَلَى التَّحْمِيلِ يَحْتَاجُ إلَى بَيَانٍ، فَلَوْ سَلَكْنَا فِيهِ أَنْ نَقُولَ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ تَحْمِيلٌ؛ لِأَنَّا لَا نَعْنِي بِهَا إلَّا ذَلِكَ، وَلَا تَحْمِيلَ فِيمَا لَا يَشْهَدُ ثَمَّ الْبَيَانُ، وَعَلَى هَذَا إذَا سَمِعَهُ يُشْهِدُ الشَّاهِدَ عَلَى شَهَادَتِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>