فَلَوْ لَمْ تُقْبَلْ فِيهَا الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ أَدَّى إلَى الْحَرَجِ وَتَعْطِيلِ الْأَحْكَامِ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ يَسْمَعُهُ كُلُّ أَحَدٍ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَشْهَدَ بِالِاشْتِهَارِ وَذَلِكَ بِالتَّوَاتُرِ أَوْ بِإِخْبَارِ مَنْ يَثِقُ بِهِ كَمَا قَالَ فِي الْكِتَابِ.
وَيُشْتَرَطُ أَنْ يُخْبِرَهُ رَجُلَانِ عَدْلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ لِيَحْصُلَ لَهُ نَوْعُ عِلْمٍ. وَقِيلَ فِي الْمَوْتِ يَكْتَفِي بِإِخْبَارِ وَاحِدٍ أَوْ وَاحِدَةٍ لِأَنَّهُ قَلَّمَا يُشَاهِدُ غَيْرُ الْوَاحِدِ إذْ الْإِنْسَانُ يَهَابُهُ وَيَكْرَهُهُ فَيَكُونُ فِي اشْتِرَاطِ الْعَدَدِ بَعْضُ الْحَرَجِ، وَلَا كَذَلِكَ النَّسَبُ وَالنِّكَاحُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُطْلِقَ أَدَاءَ الشَّهَادَةِ
وَالنِّكَاحِ وَثُبُوتِ الْمِلْكِ فِي قَضَاءِ الْقَاضِي وَكَمَالِ الْمَهْرِ وَالْعِدَّةِ وَثُبُوتِ الْإِحْصَانِ وَالنَّسَبِ فِي الدُّخُولِ (فَلَوْ لَمْ تُقْبَلْ فِيهَا الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ أَدَّى إلَى ذَلِكَ) وَهُوَ بَاطِلٌ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ مِمَّا يَسْمَعُهُ كُلُّ أَحَدٍ. فَإِنْ قِيلَ: هَذَا الِاسْتِحْسَانُ مُخَالِفٌ لِلْكِتَابِ فَإِنَّ الْعِلْمَ مَشْرُوطٌ فِي الْكِتَابِ وَلَا عِلْمَ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ.
أَجَابَ بِقَوْلِهِ (وَإِنَّمَا يَجُوزُ لِلشَّاهِدِ) يَعْنِي لَا نُسَلِّمُ أَنْ لَا عِلْمَ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَجُوزُ لِلشَّاهِدِ (أَنْ يَشْهَدَ بِالِاشْتِهَارِ وَذَلِكَ التَّوَاتُرُ أَوْ بِإِخْبَارِ مَنْ يَثِقُ بِهِ كَمَا قَالَ فِي الْكِتَابِ) وَبَيَّنَ أَنَّ الْعَدَدَ فِيمَنْ يَثِقُ بِهِ شَرْطٌ وَهُوَ (أَنْ يُخْبِرَهُ رَجُلَانِ عَدْلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ لِيَحْصُلَ لَهُ نَوْعُ عِلْمٍ) وَهَذَا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فَلَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ مَا لَمْ يَسْمَعْ ذَلِكَ مِنْ الْعَامَّةِ بِحَيْثُ يَقَعُ فِي قَلْبِهِ صِدْقُ الْخَبَرِ، وَإِذَا ثَبَتَتْ الشُّهْرَةُ عِنْدَهُمَا بِخَبَرِ عَدْلَيْنِ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْإِخْبَارُ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ عَلَى مَا قَالُوا؛ لِأَنَّهَا تُوجِبُ زِيَادَةَ عِلْمٍ شَرْعًا لَا يُوجِبُهَا لَفْظُ الْخَبَرِ (وَقِيلَ يُكْتَفَى فِي الْمَوْتِ بِإِخْبَارِ وَاحِدٍ أَوْ وَاحِدَةٍ) فَرَّقُوا جَمِيعًا بَيْنَ الْمَوْتِ وَالْأَشْيَاءِ الثَّلَاثَةِ: أَيْ النِّكَاحِ وَالْوِلَادَةِ وَتَقْلِيدِ الْإِمَامِ الْقَضَاءَ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِيهَا أَنْ تَكُونَ بَيْنَ الْجَمَاعَةِ، أَمَّا النِّكَاحُ فَإِنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ إلَّا بِشَهَادَةِ اثْنَيْنِ، وَالْوِلَادَةُ فَإِنَّهَا تَكُونُ بَيْنَ الْجَمَاعَةِ فِي الْغَالِبِ، وَكَذَلِكَ تَقْلِيدُ الْإِمَامِ لِلْقَضَاءِ.
وَأَمَّا الْمَوْتُ (فَإِنَّهُ قَلَّمَا يُشَاهِدُهُ غَيْرُ الْوَاحِدِ إذْ الْإِنْسَانُ يَهَابُهُ وَيَكْرَهُهُ فَيَكُونُ فِي اشْتِرَاطِ الْعَدَدِ بَعْضُ الْحَرَجِ) بِخِلَافِ النَّسَبِ وَالنِّكَاحِ (وَقَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُطْلِقَ أَدَاءَ الشَّهَادَةِ) بَيَانٌ لِكَيْفِيَّةِ الْأَدَاءِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُطْلِقَ ذَلِكَ فَيَقُولَ فِي النَّسَبِ أَشْهَدُ أَنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ كَمَا يَشْهَدُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ ﵄ ابْنَا أَبِي قُحَافَةَ وَالْخَطَّابِ وَلَمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute