قَالُوا: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا تَفْسِيرًا لِإِطْلَاقِ مُحَمَّدٍ ﵀ فِي الرِّوَايَةِ فَيَكُونُ شَرْطًا عَلَى الِاتِّفَاقِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀: دَلِيلُ الْمِلْكِ الْيَدُ مَعَ التَّصَرُّفِ، وَبِهِ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا ﵏ لِأَنَّ الْيَدَ مُتَنَوِّعَةٌ إلَى إنَابَةٍ وَمِلْكٍ.
قُلْنَا: وَالتَّصَرُّفُ يَتَنَوَّعُ أَيْضًا إلَى نِيَابَةٍ وَأَصَالَةٍ. ثُمَّ الْمَسْأَلَةُ عَلَى وُجُوهٍ: إنْ عَايَنَ الْمَالِكُ الْمِلْكَ حَلَّ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ، وَكَذَا
مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ كَافٍ فِي الدَّلَالَةِ لِئَلَّا يَلْزَمَ انْسِدَادُ بَابِ الشَّهَادَةِ الْمَفْتُوحِ بِالْإِجْمَاعِ، فَإِنَّهَا إذَا لَمْ تَجُزْ بِحُكْمِ الْيَدِ انْسَدَّ بَابُهَا.
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ ﵀ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّ لَهُ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الشَّهَادَةِ الْعِلْمُ بِالنَّصِّ وَعِنْدَ إعْوَازِ ذَلِكَ يُصَارُ إلَى مَا يَشْهَدُ بِهِ الْقَلْبُ (قَالُوا: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ شَهَادَةِ الْقَلْبِ (تَفْسِيرَ إطْلَاقِ مُحَمَّدٍ فِي الرِّوَايَةِ) وَهُوَ قَوْلُهُ: وَسِعَك أَنْ تَشْهَدَ أَنَّهُ لَهُ: يَعْنِي إذَا وَقَعَ فِي الْقَلْبِ. قِيلَ لَوْ كَانَ ذَلِكَ كَافِيًا فِي الشَّهَادَةِ لَقَبِلَهَا الْقَاضِي إذَا قَيَّدَهَا الشَّاهِدُ بِمَا اسْتَفَادَ الْعِلْمَ بِهِ مِنْ مُعَايَنَةِ الْيَدِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. وَأُجِيبَ بِأَنَّا جَعَلْنَا الْعِيَانَ مُجَوِّزًا لِلشَّاهِدِ أَنْ يَقْدَمَ عَلَى الشَّهَادَةِ وَذَلِكَ ثَابِتٌ لِمَا قُلْنَا، وَأَمَّا أَنْ يَلْزَمَ الْقَاضِيَ الْعَمَلُ بِهِ فَلَمْ يَلْتَزِمْهُ، وَلِهَذَا قُلْنَا: إنَّ الرَّجُلَ إذَا كَانَ فِي يَدِهِ دَارٌ يَتَصَرَّفُ فِيهَا تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ بِيعَتْ دَارٌ بِجَنْبِهَا وَأَرَادَ ذُو الْيَدِ أَنْ يَأْخُذَهَا بِالشُّفْعَةِ فَالْقَاضِي لَا يَقْضِي لَهُ عِنْدَ إنْكَارِ الْمُشْتَرِي أَنْ تَكُونَ الدَّارُ مِلْكَ الشَّفِيعِ؛ لِأَنَّ الْعِيَانَ لَيْسَ سَبَبًا لِلْوُجُوبِ.
(وَقَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀: دَلِيلُ الْمِلْكِ الْيَدُ مَعَ التَّصَرُّفِ، وَبِهِ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا) وَهُوَ الْخَصَّافُ (؛ لِأَنَّ الْيَدَ مُتَنَوِّعَةٌ إلَى إنَابَةٍ وَمِلْكٍ) فَلَا تُفِيدُ الْعِلْمَ فَلَا بُدَّ مِنْ ضَمِّ التَّصَرُّفِ إلَيْهَا.
وَالْجَوَابُ أَنَّ التَّصَرُّفَ كَذَلِكَ، وَضَمُّ مُحْتَمَلٍ إلَى مُحْتَمَلٍ يَزِيدُ الِاحْتِمَالَ فَيَنْتَفِي الْعِلْمَ (ثُمَّ) هَذِهِ (الْمَسْأَلَةُ عَلَى وُجُوهٍ) أَرْبَعَةٍ بِالْقِسْمَةِ الْعَقْلِيَّةِ:؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يُعَايِنَ الْمِلْكَ وَالْمَالِكَ، أَوْ لَمْ يُعَايِنْهُمَا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute