أَوْ هُوَ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ بِمَعْنَى لَكِنْ.
(وَلَوْ حُدَّ الْكَافِرُ فِي قَذْفٍ ثُمَّ أَسْلَمَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ) لِأَنَّ لِلْكَافِرِ شَهَادَةٌ فَكَانَ رَدُّهَا مِنْ تَمَامِ الْحَدِّ، وَبِالْإِسْلَامِ حَدَّثَتْ لَهُ شَهَادَةٌ أُخْرَى، بِخِلَافِ الْعَبْدِ إذَا حُدَّ ثُمَّ أُعْتِقَ لِأَنَّهُ لَا شَهَادَةَ لِلْعَبْدِ أَصْلًا فَتَمَامُ حَدِّهِ يَرُدُّ شَهَادَتَهُ بَعْدَ الْعِتْقِ.
كَأَصْلِ الْحَدِّ وَهُوَ تَنَاقُضٌ ظَاهِرٌ. سَلَّمْنَاهُ لَكِنَّهُ كَانَ أَبَدًا مَجَازًا عَنْ مُدَّةٍ غَيْرِ مُتَطَاوِلَةٍ وَلَيْسَ بِمَعْهُودٍ. سَلَّمْنَاهُ لَكِنَّ جَعْلَهُ مَجَازًا لَيْسَ بِأَوْلَى مِنْ جَعْلِ الِاسْتِثْنَاءِ مُنْقَطِعًا بَلْ جَعْلُهُ مُنْقَطِعًا أَوْلَى دَفْعًا لِلْمَحْذُورَاتِ، وَتَمَامُ الْعُثُورِ عَلَى هَذَا الْمَبْحَثِ يَقْتَضِي مُطَالَعَةَ تَقْرِيرِنَا فِي تَقْرِيرِنَا فِي الِاسْتِدْلَالَاتِ الْفَاسِدَةِ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ حُدَّ الْكَافِرُ) يَعْنِي إذَا حُدَّ الْكَافِرُ فِي قَذْفٍ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْكُفَّارِ، فَإِذَا أَسْلَمَ جَازَتْ شَهَادَتُهُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ لِلْكَافِرِ شَهَادَةً عَلَى مِثْلِهِ، وَمَنْ لَهُ ذَلِكَ وَحُدَّ فِي الْقَذْفِ كَانَ رَدُّ شَهَادَتِهِ مِنْ تَتِمَّةِ حَدِّهِ، وَبِالْإِسْلَامِ حَدَّثَتْ لَهُ شَهَادَةٌ مُطْلَقَةٌ غَيْرُ الْأُولَى فَلَا يَكُونُ الرَّدُّ مِنْ تَمَامِهَا، وَالْعَبْدُ إذَا حُدَّ فِي الْقَذْفِ ثُمَّ أُعْتِقَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَهَادَةٌ إلَّا مَا كَانَ بَعْدَ الْعِتْقِ فَجُعِلَ رَدُّهَا مِنْ تَمَامِ حَدِّهِ، وَطُولِبَ بِالْفَرْقِ بَيْنَ مُسْلِمٍ زَنَى فِي دَارِ الْحَرْبِ فَخَرَجَ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ وَبَيْنَ الْعَبْدِ إذَا حُدَّ فِي الْقَذْفِ حَيْثُ جُعِلَ الْقَذْفُ قَائِمًا فِي حَقِّهِ إلَى حُصُولِ أَهْلِيَّةِ الشَّهَادَةِ وَلَمْ يَجْعَلْ الزِّنَا قَائِمًا إلَى حُصُولِ نُفُوذِ الْوِلَايَةِ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الزِّنَا لَمْ يَنْعَقِدْ مُوجِبًا فِي دَارِ الْحَرْبِ لِلْحَدِّ لِانْقِطَاعِ الْوِلَايَةِ فَلَا يَنْقَلِبُ مُوجِبًا، وَالْقَذْفُ مُوجِبٌ فِي حَقِّ الْأَصْلِ فَيُوجِبُ الْوَصْفَ عِنْدَ إمْكَانِهِ.
وَاعْتُرِضَ عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي تَقْيِيدِ الْحَدِّ بِكَوْنِهِ قَبْلَ الْإِعْتَاقِ؛ لِأَنَّهُ إذَا حُدَّ بَعْدَ الْإِعْتَاقِ تُرَدُّ الشَّهَادَةُ أَيْضًا لِمُلَاقَاةِ الْحَدِّ وَقْتَ قَبُولِ الشَّهَادَةِ فَأَوْجَبَ الرَّدَّ.
وَأَمَّا إذَا قَذَفَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute