وَقِيلَ الْعَامِلُ إذَا كَانَ وَجِيهًا فِي النَّاسِ ذَا مُرُوءَةٍ لَا يُجَازِفُ فِي كَلَامِهِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ كَمَا مَرَّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ ﵀ فِي الْفَاسِقِ، لِأَنَّهُ لِوَجَاهَتِهِ لَا يَقْدُمُ عَلَى الْكَذِبِ حِفْظًا لِلْمُرُوءَةِ وَلِمَهَابَتِهِ لَا يُسْتَأْجَرُ عَلَى الشَّهَادَةِ الْكَاذِبَةِ.
قَالَ (وَإِذَا شَهِدَ الرَّجُلَانِ أَنَّ أَبَاهُمَا أَوْصَى إلَى فُلَانٍ وَالْوَصِيُّ يَدَّعِي ذَلِكَ فَهُوَ جَائِزٌ اسْتِحْسَانًا، وَإِنْ أَنْكَرَ الْوَصِيُّ لَمْ يَجُزْ) وَفِي
يَعْنِي أَبَا حَنِيفَةَ يُجِيزُ شَهَادَةَ الْعُمَّالِ عُمَّالِ السُّلْطَانِ الَّذِينَ يُعِينُونَهُ فِي أَخْذِ الْحُقُوقِ الْوَاجِبَةِ كَالْخَرَاجِ وَزَكَاةِ السَّوَائِمِ؛ لِأَنَّ نَفْسَ الْعَمَلِ لَيْسَ بِفِسْقٍ، لِأَنَّ أَجِلَّاءَ الصَّحَابَةِ ﵃ كَانُوا عُمَّالًا وَلَا يُظَنُّ بِهِمْ فِعْلُ مَا يَقْدَحُ فِي الْعَدَالَةِ، إلَّا إذَا كَانُوا أَعْوَانَ السُّلْطَانِ مُعِينِينَ عَلَى الظُّلْمِ فَإِنَّهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ الْعَامِلُ إذَا كَانَ وَجِيهًا فِي النَّاسِ ذَا مُرُوءَةٍ لَا يُجَازِفُ فِي كَلَامِهِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ) لَعَلَّهُ يُرِيدُ بِهِ إذَا كَانَ عَوْنًا لَهُ عَلَى الظُّلْمِ فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهِ ذَلِكَ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ تَمْثِيلُهُ بِمَا مَرَّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي الْفَاسِقِ (؛ لِأَنَّهُ لِوَجَاهَتِهِ لَا يُقْدِمُ عَلَى الْكَذِبِ حِفْظًا لِلْمُرُوءَةِ وَلِمَهَابَتِهِ لَا يُسْتَأْجَرُ عَلَى الشَّهَادَةِ الْكَاذِبَةِ) وَقِيلَ: أَرَادَ بِالْعُمَّالِ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ بِأَيْدِيهِمْ أَوْ يُؤَاجِرُونَ أَنْفُسَهُمْ؛ لِأَنَّ مِنْ النَّاسِ مَنْ قَالَ: لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ، فَيَكُونُ إيرَادُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ رَدًّا لِقَوْلِهِمْ؛ لِأَنَّ كَسْبَهُمْ أَطْيَبُ الْأَكْسَابِ، قَالَ ﷺ «أَفْضَلُ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْ يَأْكُلُ مِنْ كَسْبِ يَدِهِ» فَأَنَّى يُوجِبُ جَرْحًا؟ قَالَ.
(وَإِذَا شَهِدَ الرَّجُلَانِ أَنَّ أَبَاهُمَا أَوْصَى إلَى فُلَانٍ إلَخْ) إذَا شَهِدَ رَجُلَانِ أَنَّ أَبَاهُمَا أَوْصَى إلَى فُلَانٍ أَوْ شَهِدَ الْمُوصِي لَهُمَا بِذَلِكَ أَوْ شَهِدَ غَرِيمَانِ لَهُمَا عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ أَوْ شَهِدَ غَرِيمَانِ لِلْمَيِّتِ عَلَيْهِمَا دَيْنٌ أَوْ شَهِدَ وَصِيَّانِ أَنَّهُ أَوْصَى إلَى ثَالِثٍ مَعَهُمَا فَذَلِكَ خَمْسُ مَسَائِلَ، فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ الْمَوْتُ مَعْرُوفًا وَالْوَصِيُّ رَاضِيًا أَوْ لَمْ يَكُنْ، فَإِنْ كَانَ الثَّانِي لَمْ يَجُزْ فِي الْقِيَاسِ وَالِاسْتِحْسَانِ إلَّا فِي الرَّابِعَةِ فَإِنَّ ظُهُورَ الْمَوْتِ لَيْسَ بِشَرْطٍ كَمَا سَنَذْكُرُهُ وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ جَازَ اسْتِحْسَانًا. وَفِي الْقِيَاسِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةُ مُتَّهَمٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute