قَالَ (وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ شُهُودِ الْفَرْعِ إلَّا أَنْ يَمُوتَ شُهُودُ الْأَصْلِ أَوْ يَغِيبُوا مَسِيرَةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَصَاعِدًا أَوْ يَمْرَضُوا مَرَضًا لَا يَسْتَطِيعُونَ مَعَهُ حُضُورَ مَجْلِسِ الْحَاكِمِ) لِأَنَّ جَوَازَهَا لِلْحَاجَةِ، وَإِنَّمَا تُمَسُّ عِنْدَ عَجْزِ الْأَصْلِ وَبِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ يَتَحَقَّقُ الْعَجْزُ. وَإِنَّمَا اعْتَبَرْنَا السَّفَرَ لِأَنَّ الْمُعْجِزَ بُعْدُ الْمَسَافَةِ وَمُدَّةُ السَّفَرِ بَعِيدَةٌ حُكْمًا حَتَّى أُدِيرَ عَلَيْهَا عِدَّةٌ مِنْ الْأَحْكَامِ فَكَذَا سَبِيلُ هَذَا الْحُكْمِ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ ﵀ أَنَّهُ إنْ كَانَ فِي مَكَان لَوْ غَدَا لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَبِيتَ فِي أَهْلِهِ صَحَّ الْإِشْهَادُ إحْيَاءً لِحُقُوقِ النَّاسِ، قَالُوا: الْأَوَّلُ أَحْسَنُ
فِي حَقِّهِ، فَبِاعْتِبَارِ هَذَا يُشْتَرَطُ الْأَمْرُ وَصَارَ كَمَنْ لَهُ وِلَايَةٌ فِي إنْكَاحِ الصَّغِيرَةِ إذَا أَنْكَحَهَا أَجْنَبِيٌّ بِغَيْرِ أَمْرِهِ لَا يَجُوزُ لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ الْوِلَايَةِ عَلَيْهِ، وَهَذَا كَلَامٌ حَسَنٌ لِسَدِّ الْخَلَلِ. وَأَمَّا عِبَارَةُ الْمَشَايِخِ فَهِيَ مُشْكِلَةٌ لَيْسَ فِيهَا إشْعَارٌ بِالْمَطْلُوبِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ لَنَا فِي هَذَا الْبَحْثِ كَلَامٌ فِي أَوَّلِ الشَّهَادَاتِ بِوَجْهٍ آخَرَ مُفِيدٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ (وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ شُهُودِ الْفَرْعِ إلَخْ) قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ مُجَوِّزَ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ مِسَاسُ الْحَاجَةِ فَلَا تَجُوزُ مَا لَمْ يُوجَدْ وَلَا تُقْبَلُ إلَّا أَنْ يَمُوتَ الْأُصُولُ أَوْ يَغِيبُوا مَسِيرَةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَوْ يَمْرَضُوا مَرَضًا يَمْنَعُهُمْ الْحُضُورَ إلَى مَجْلِسِ الْحُكْمِ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ تَتَحَقَّقُ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ لِعَجْزِ الْأُصُولِ عَنْ إقَامَتِهَا، وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ السَّفَرُ؛ لِأَنَّ الْمُعَجِّزَ بُعْدُ الْمَسَافَةِ وَمُدَّةُ السَّفَرِ بَعِيدَةٌ حُكْمًا حَتَّى أُدِيرَ عَلَيْهَا عِدَّةُ أَحْكَامٍ كَقَصْرِ الصَّلَاةِ وَالْفِطْرِ وَامْتِدَادِ الْمَسْحِ وَعَدَمِ وُجُوبِ الْأُضْحِيَّةِ وَالْجُمُعَةِ وَحُرْمَةِ خُرُوجِ الْمَرْأَةِ بِلَا مَحْرَمٍ أَوْ زَوْجٍ (وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ إنْ كَانَ فِي مَكَان لَوْ غَدَا لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَبِيتَ فِي أَهْلِهِ صَحَّ لَهُ الْإِشْهَادُ) دَفْعًا لِلْحَرَجِ، وَ (إحْيَاءً لِحُقُوقِ النَّاسِ قَالُوا: الْأَوَّلُ) أَيْ التَّقْدِيرُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ (أَحْسَنُ)؛ لِأَنَّ الْعَجْزَ شَرْعًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute