للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَدْ صَحَّ «أَنَّ النَّبِيَّ وَكَّلَ بِالشِّرَاءِ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ وَبِالتَّزْوِيجِ عُمَرَ بْنَ أُمِّ سَلَمَةَ ».

وَقَدْ صَحَّ «أَنَّ النَّبِيَّ وَكَّلَ بِشِرَاءِ الْأُضْحِيَّةِ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ وَبِالتَّزْوِيجِ عُمَرَ بْنَ أُمِّ سَلَمَةَ بِتَزْوِيجِهَا إيَّاهُ ».

وَاعْتُرِضَ عَلَى الضَّابِطَةِ بِأَنَّهَا غَيْرُ مُطَّرِدَةٍ وَمُنْعَكِسَةٍ. أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ الْإِنْسَانَ جَازَ لَهُ أَنْ يَسْتَقْرِضَ بِنَفْسِهِ، وَالتَّوْكِيلُ بِهِ بَاطِلٌ، وَالْوَكِيلُ يَعْقِدُ بِنَفْسِهِ، وَإِذَا وَكَّلَ غَيْرَهُ وَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي ذَلِكَ لَا يَجُوزُ، وَالذِّمِّيُّ إذَا وَكَّلَ مُسْلِمًا فِي الْخَمْرِ لَمْ يَجُزْ، وَجَازَ أَنْ يَعْقِدَ الذِّمِّيُّ بِنَفْسِهِ فِيهَا. وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَجُوزُ لَهُ عَقْدُ بَيْعِ الْخَمْرِ وَشِرَائِهَا بِنَفْسِهِ، وَلَوْ وَكَّلَ ذِمِّيًّا بِذَلِكَ جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ.

وَالْجَوَابُ عَنْ الْأَوَّلِ أَنَّ مَحَلَّ الْعَقْدِ مِنْ شُرُوطِهِ لِكَوْنِ الْمَحَالِّ شُرُوطًا كَمَا عُرِفَ، وَلَيْسَ بِمَوْجُودٍ فِي التَّوْكِيلِ بِالِاسْتِقْرَاضِ؛ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ الَّتِي يَسْتَقْرِضُهَا الْوَكِيلُ مِلْكُ الْمُقْرِضِ، وَالْأَمْرُ بِالتَّصَرُّفِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بَاطِلٌ. رُدَّ بِأَنَّهُ تَقْرِيرٌ لِلنَّقْضِ لَا دَافِعٌ، وَبِأَنَّ التَّوْكِيلَ بِالشِّرَاءِ جَائِزٌ، وَمَا ذَكَرْتُمْ مَوْجُودٌ فِيهِ.

وَالْجَوَابُ أَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّخَلُّفِ لِمَانِعٍ، وَقَيْدُ عَدَمِ الْمَانِعِ فِي الْأَحْكَامِ الْكُلِّيَّةِ غَيْرُ لَازِمٍ، وَأَنَّ مَحَلَّ عَقْدِ الْوَكَالَةِ فِي الشِّرَاءِ هُوَ الثَّمَنُ وَهُوَ مِلْكُ الْمُوَكِّلِ، وَفِي الِاسْتِقْرَاضِ الدَّرَاهِمُ الْمُسْتَقْرَضَةُ وَهِيَ لَيْسَتْ مِلْكَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>