لَهُمَا أَنَّ التَّوْكِيلَ تَصَرُّفٌ فِي خَالِصِ حَقِّهِ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى رِضَا غَيْرِهِ كَالتَّوْكِيلِ بِتَقَاضِي الدُّيُونِ.
وَلَهُ أَنَّ الْجَوَابَ مُسْتَحَقٌّ عَلَى الْخَصْمِ وَلِهَذَا يَسْتَحْضِرُهُ، وَالنَّاسُ مُتَفَاوِتُونَ فِي الْخُصُومَةِ، فَلَوْ قُلْنَا بِلُزُومِهِ يَتَضَرَّرُ بِهِ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى رِضَاهُ كَالْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ إذَا كَاتَبَهُ أَحَدُهُمَا يَتَخَيَّرُ الْآخَرُ، بِخِلَافِ الْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ لِأَنَّ الْجَوَابَ غَيْرُ مُسْتَحَقٍّ عَلَيْهِمَا هُنَالِكَ،
إلَّا بِرِضَا الْخَصْمِ فِي قُوَّةِ قَوْلِنَا التَّوْكِيلُ بِالْخُصُومَةِ غَيْرُ لَازِمٍ، بَلْ إنْ رَضِيَ بِهِ الْخَصْمُ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا حَاجَةَ إلَى قَوْلِهِ وَلَا خِلَافَ فِي الْجَوَازِ وَإِلَى التَّوْجِيهِ بِجَعْلِهِ مَجَازًا (لَهُمَا أَنَّ التَّوْكِيلَ تَصَرُّفٌ فِي خَالِصِ حَقِّهِ)؛ لِأَنَّهُ وَكَّلَهُ بِالْجَوَابِ وَالْخُصُومَةِ لِدَفْعِ الْخَصْمِ عَنْ نَفْسِهِ وَذَلِكَ حَقُّهُ لَا مَحَالَةَ، وَالتَّصَرُّفُ فِي خَالِصِ حَقِّهِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى رِضَا غَيْرِهِ كَالتَّوْكِيلِ بِالتَّقَاضِي: أَيْ بِقَبْضِ الدُّيُونِ وَإِيفَائِهَا. وَلِأَبِي حَنِيفَةَ ﵀: إنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي خَالِصِ حَقِّهِ، فَإِنَّ الْجَوَابَ مُسْتَحَقٌّ عَلَى الْخَصْمِ. وَلِهَذَا يَسْتَحْضِرُهُ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي، وَالْمُسْتَحِقُّ لِلْغَيْرِ لَا يَكُونُ خَالِصًا لَهُ. سَلَّمْنَا خُلُوصَهُ لَهُ لَكِنَّ تَصَرُّفَ الْإِنْسَانِ فِي خَالِصِ حَقِّهِ إنَّمَا يَصِحُّ إذَا لَمْ يَتَضَرَّرْ بِهِ غَيْرُهُ، وَهَاهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ النَّاسَ مُتَفَاوِتُونَ فِي الْخُصُومَةِ، فَلَوْ قُلْنَا بِلُزُومِهِ لَتَضَرَّرَ بِهِ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى رِضَاهُ كَالْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ إذَا كَاتَبَهُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فَإِنَّهَا تَتَوَقَّفُ عَلَى رِضَا الْآخَرِ، وَإِنْ كَانَ تَصَرُّفًا فِي خَالِصِ حَقِّهِ لِمَكَانِ ضَرَرِ شَرِيكِهِ فَيَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْإِمْضَاءِ وَالْفَسْخِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمَرِيضِ) بَيَانُ وَجْهِ مُخَالَفَةِ الْمُسْتَثْنَى لِلْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، وَذَلِكَ أَنَّ الْجَوَابَ غَيْرُ مُسْتَحَقٍّ عَلَيْهِمَا فَكَانَ خَالِصُ حَقِّهِ وَيُزَادُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute