(قَالَ: وَمَنْ دَفَعَ إلَى آخَرَ دَرَاهِمَ وَقَالَ اشْتَرِ لِي بِهَا طَعَامًا فَهُوَ عَلَى الْحِنْطَةِ وَدَقِيقِهَا) اسْتِحْسَانًا. وَالْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ عَلَى كُلِّ مَطْعُومٍ اعْتِبَارًا لِلْحَقِيقَةِ كَمَا فِي الْيَمِينِ عَلَى الْأَكْلِ إذْ الطَّعَامُ اسْمٌ لِمَا يُطْعَمُ.
وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْعُرْفَ أَمْلَكُ وَهُوَ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ إذَا ذُكِرَ مَقْرُونًا بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ
قَالَ (وَمَنْ دَفَعَ إلَى آخَرَ دَرَاهِمَ وَقَالَ اشْتَرِ لِي بِهَا طَعَامًا إلَخْ) وَمَنْ دَفَعَ إلَى آخَرَ دَرَاهِمَ وَقَالَ اشْتَرِ لِي بِهَا طَعَامًا يَقَعُ عَلَى الْحِنْطَةِ وَدَقِيقِهَا اسْتِحْسَانًا، وَالْقِيَاسُ أَنْ يَقَعَ عَلَى كُلِّ مَطْعُومٍ اعْتِبَارًا لِلْحَقِيقَةِ، كَمَا إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ طَعَامًا إذْ الطَّعَامُ اسْمٌ لِمَا يُطْعَمُ (وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْعُرْفَ أَمْلَكُ) أَيْ أَقْوَى وَأَرْجَحُ بِالِاعْتِبَارِ مِنْ الْقِيَاسِ، وَالْعُرْفُ فِي شِرَاءِ الطَّعَامِ أَنْ يَقَعَ عَلَى الْحِنْطَةِ وَدَقِيقِهَا. قَالُوا: هَذَا عُرْفُ أَهْلِ الْكُوفَةِ، فَإِنَّ سُوقَ الْحِنْطَةِ وَدَقِيقِهَا عِنْدَهُمْ يُسَمَّى سُوقَ الطَّعَامِ، أَمَّا فِي عُرْفِ غَيْرِهِمْ فَيَنْصَرِفُ إلَى كُلِّ مَطْعُومٍ.
قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِ مَا وَرَاءَ النَّهْرِ: الطَّعَامُ فِي عُرْفِ دِيَارِنَا مَا يُمْكِنُ أَكْلُهُ مِنْ غَيْرِ إدَامٍ كَاللَّحْمِ الْمَطْبُوخِ وَالْمَشْوِيِّ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَيَنْصَرِفُ التَّوْكِيلُ إلَيْهِ. وَقِيلَ إنْ كَثُرَتْ الدَّرَاهِمُ عَلَى الْحِنْطَةِ، وَإِنْ قَلَّتْ فَهُوَ عَلَى الْخُبْزِ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَ ذَلِكَ فَعَلَى الدَّقِيقِ، وَهَذَا بِظَاهِرِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ أَوَّلًا مُطْلَقٌ: أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ قَلِيلَةً أَوْ كَثِيرَةً إذَا وَكَّلَ بِشِرَاءِ الطَّعَامِ يَنْصَرِفُ إلَى شِرَاءِ الْحِنْطَةِ وَدَقِيقِهَا، وَهَذَا الثَّانِي الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِلَفْظِ قِيلَ مُخَالِفٌ لِلْأَوَّلِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي جَعْفَرٍ الْهِنْدُوَانِيِّ، وَلَكِنْ ذَكَرَ فِي النِّهَايَةِ أَنَّهُ لَيْسَ بِقَوْلٍ مُخَالِفٍ لِلْأَوَّلِ بَلْ هُوَ دَاخِلٌ فِي الْأَوَّلِ، وَذَكَرَ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مِنْ الْمَبْسُوطِ بِقَوْلِهِ: قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ بَعْدَمَا ذَكَرَ مَا قُلْنَا: ثُمَّ إنْ قَلَّتْ الدَّرَاهِمُ فَلَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا خُبْزًا، وَإِنْ كَثُرَتْ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute