وَمُرَادُهُ التَّوْكِيلُ بِالْإِسْلَامِ دُونَ قَبُولِ السَّلَمِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ، فَإِنَّ الْوَكِيلَ يَبِيعُ طَعَامًا فِي ذِمَّتِهِ عَلَى أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ لِغَيْرِهِ، وَهَذَا لَا يَجُوزُ.
وَلَوْ وَكَّلَهُ بِأَنْ يَقْبَلَ السَّلَمَ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْوَكِيلَ يَبِيعُ طَعَامًا فِي ذِمَّتِهِ عَلَى أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ لِغَيْرِهِ، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ مَنْ بَاعَ مِلْكَ نَفْسِهِ الْعَيْنَ عَلَى أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ لِغَيْرِهِ لَا يَجُوزُ فَكَذَلِكَ فِي الدُّيُونِ.
وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ قَبُولَ السَّلَمِ عَقْدٌ يَمْلِكُهُ الْمُوَكِّلُ فَالْوَاجِبُ أَنْ يَمْلِكَهُ الْوَكِيلُ حِفْظًا لِلْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ عَنْ الِانْتِقَاضِ، وَبِأَنَّ التَّوْكِيلَ بِالشِّرَاءِ جَائِزٌ لَا مَحَالَةَ، وَالثَّمَنُ يَجِبُ فِي ذِمَّةِ الْمُوَكِّلِ وَالْوَكِيلُ مُطَالَبٌ بِهِ فَلِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ وَالْوَكِيلُ مُطَالَبٌ بِتَسْلِيمِ الْمُسْلَمِ فِيهِ. وَأُجِيبَ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْمُوَكِّلَ يَمْلِكُهُ ضَرُورَةَ دَفْعِ الْحَاجَةِ وَبِالنَّصِّ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ. وَالثَّابِتُ بِالضَّرُورَةِ يَتَقَدَّرُ بِقَدْرِهَا فَلَا يَتَعَدَّى إلَى جَوَازِ التَّوْكِيلِ بِهِ، وَالثَّابِتُ بِالنَّصِّ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ يَقْتَصِرُ عَلَى مَوْرِدِ النَّصِّ، وَالنَّصُّ قَدْ وَرَدَ بِجَوَازِ قَبُولِهِ فَلَا يَتَعَدَّى إلَى الْآمِرِ بِهِ.
وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ كَلَامَنَا فِيمَا إذَا كَانَ الْمُبْدَلُ فِي ذِمَّةِ شَخْصٍ وَآخَرُ يَمْلِكُ بَدَلَهُ، وَمَا ذَكَرْتُمْ لَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ الْمُوَكِّلَ فِي الشِّرَاءِ يَمْلِكُ الْمُبْدَلَ وَيَلْزَمُ الْبَدَلُ فِي ذِمَّتِهِ. فَإِنْ قِيلَ: فَاجْعَلْ الْمُسْلَمَ فِيهِ فِي ذِمَّةِ الْمُوَكِّلِ وَالْمَالُ لَهُ كَمَا فِي صُورَةِ الشِّرَاءِ. فَالْجَوَابُ هُوَ الْجَوَابُ عَنْ السُّؤَالِ الْأَوَّلِ الْمَذْكُورِ آنِفًا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute