للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالتَّوْكِيلُ بِالْإِسْلَامِ فِي الطَّعَامِ عَلَى هَذِهِ الْوُجُوهِ

قَالَ (وَمَنْ أَمَرَ رَجُلًا بِشِرَاءِ عَبْدٍ بِأَلْفٍ فَقَالَ قَدْ فَعَلْت وَمَاتَ عِنْدِي وَقَالَ الْآمِرُ اشْتَرَيْته لِنَفْسِك فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْآمِرِ، فَإِنْ كَانَ دَفَعَ إلَيْهِ الْأَلْفَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَأْمُورِ)؛ لِأَنَّ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ أَخْبَرَ عَمَّا لَا يَمْلِكُ اسْتِئْنَافَهُ وَهُوَ الرُّجُوعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْآمِرِ وَهُوَ يُنْكِرُ وَالْقَوْلُ لِلْمُنْكِرِ.

قَوْلُهُ وَالتَّوْكِيلُ بِالْإِسْلَامِ عَلَى هَذِهِ الْوُجُوهِ) إنَّمَا خَصَّهُ بِالذِّكْرِ مَعَ اسْتِفَادَةِ حُكْمِهِ مِنْ التَّوْكِيلِ بِالشِّرَاءِ نَفْيًا لِقَوْلِ بَعْضِ مَشَايِخِنَا، فَإِنَّهُمْ قَالُوا فِي مَسْأَلَةِ الشِّرَاءِ إذَا تَصَادَقَا أَنَّهُ لَمْ تَحْضُرْهُ النِّيَّةُ فَالْعَقْدُ لِلْوَكِيلِ إجْمَاعًا وَلَا يَحْكُمُ النَّقْدُ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ بَيْنَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ فِي مَسْأَلَةِ التَّوْكِيلِ بِالْإِسْلَامِ، وَهَذَا الْقَائِلُ فَرَّقَ بَيْنَ مَسْأَلَةِ الشِّرَاءِ وَالسَّلَمِ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ بِأَنَّ لِلنَّقْدِ أَثَرًا فِي تَنْفِيذِ السَّلَمِ، فَإِنَّ الْمُفَارَقَةَ بِلَا نَقْدٍ تُبْطِلُ السَّلَمَ، فَإِذَا جُهِلَ مَنْ لَهُ الْعَقْدُ يُسْتَبَانُ بِالنَّقْدِ وَلَيْسَ الشِّرَاءُ كَذَلِكَ فَكَانَ الْعَقْدُ لِلْعَاقِدِ عَمَلًا بِقَضِيَّةِ الْأَصْلِ.

قَالَ (وَمَنْ أَمَرَ رَجُلًا بِشِرَاءِ عَبْدٍ بِأَلْفٍ إلَخْ) وَمَنْ وَكَّلَ رَجُلًا بِشِرَاءِ عَبْدٍ بِأَلْفٍ فَقَالَ قَدْ فَعَلْت وَأَنْكَرَهُ الْمُوَكِّلُ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ التَّوْكِيلُ بِشِرَاءِ عَبْدٍ مُعَيَّنٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَالْأَوَّلُ سَيَجِيءُ، وَالثَّانِي إمَّا أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ مَيِّتًا عِنْدَ الِاخْتِلَافِ أَوْ حَيًّا. وَعَلَى كُلٍّ مِنْ التَّقْدِيرَيْنِ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ مَنْقُودًا أَوْ غَيْرَهُ، فَإِنْ كَانَ مَيِّتًا وَالثَّمَنُ غَيْرُ مَنْقُودٍ فَالْقَوْلُ لِلْآمِرِ لِأَنَّ الْمَأْمُورَ أَخْبَرَ عَمَّا لَا يَمْلِكُ اسْتِئْنَافَ سَبَبِهِ وَهُوَ الرُّجُوعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْآمِرِ، فَإِنَّ سَبَبَ الرُّجُوعِ عَلَى الْآمِرِ هُوَ الْعَقْدُ وَهُوَ لَا يَقْدِرُ عَلَى اسْتِئْنَافِهِ، لِأَنَّ الْعَبْدَ مَيِّتٌ وَهُوَ لَيْسَ بِمَحَلٍّ لِلْعَقْدِ، فَكَانَ قَوْلُ الْوَكِيلِ فَعَلْت وَمَاتَ عِنْدِي لِإِرَادَةِ الرُّجُوعِ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَهُوَ مُنْكَرٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، فَقَوْلُهُ (لَا يَمْلِكُ اسْتِئْنَافَهُ) مَعْنَاهُ اسْتِئْنَافُ سَبَبِهِ فَهُوَ مَجَازٌ بِالْحَذْفِ، وَقَوْلُهُ (وَهُوَ) رَاجِعٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>