. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَنَّ النُّقُودَ فِي الْوَكَالَةِ تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ، لَكِنَّ الْمَذْكُورَةَ فِي الْكِتَابِ لَا تَفْصِلُ بَيْنَ مَا قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ، وَالْأُخْرَى تَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا بَعْدَ الْقَبْضِ تَتَعَيَّنُ وَهُوَ الْمَنْقُولُ فِي الْكُتُبِ.
قَالَ فِي النِّهَايَةِ: هَذَا عَلَى قَوْلِ بَعْضِ الْمَشَايِخِ بَعْدَ التَّسْلِيمِ إلَى الْوَكِيلِ، وَأَمَّا قَبْلَ التَّسْلِيمِ إلَيْهِ فَلَا تَتَعَيَّنُ فِي الْوَكَالَاتِ أَيْضًا بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّهُ ذَكَرَ فِي الذَّخِيرَةِ.
وَقَالَ: قَالَ مُحَمَّدٌ ﵀ فِي الزِّيَادَاتِ: رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ اشْتَرِ لِي بِهَذِهِ الْأَلْفِ دِرْهَمَ جَارِيَةً وَأَرَاهُ الدَّرَاهِمَ فَلَمْ يُسَلِّمْهَا إلَى الْوَكِيلِ حَتَّى سُرِقَتْ الدَّرَاهِمُ، ثُمَّ اشْتَرَى الْوَكِيلُ جَارِيَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ لَزِمَ الْمُوَكِّلَ. ثُمَّ قَالَ: وَالْأَصْلُ أَنَّ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ لَا يَتَعَيَّنَانِ فِي الْوَكَالَاتِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ بِلَا خِلَافٍ، لِأَنَّ الْوَكَالَةَ وَسِيلَةٌ إلَى الشِّرَاءِ فَتُعْتَبَرُ بِنَفْسِ الشِّرَاءِ، وَالدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ لَا يَتَعَيَّنَانِ فِي الشِّرَاءِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ، فَكَذَا فِيمَا هُوَ وَسِيلَةٌ إلَى الشِّرَاءِ.
وَأَمَّا بَعْدَ التَّسْلِيمِ إلَى الْوَكِيلِ هَلْ تَتَعَيَّنُ؟ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: تَتَعَيَّنُ لِمَا ذَكَرْنَا. وَعَامَّتُهُمْ عَلَى أَنَّهَا لَا تَتَعَيَّنُ ثُمَّ قَالَ: وَفَائِدَةُ النَّقْلِ وَالتَّسْلِيمِ عَلَى قَوْلِ الْعَامَّةِ تَأَقُّتُ بَقَاءِ الْوَكَالَةِ بِبَقَاءِ الدَّرَاهِمِ الْمَنْقُودَةِ، وَهَذَا قَوْلٌ مِنْهُمْ تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ هُوَ التَّوَقُّتُ بِبَقَائِهَا وَقَطْعُ الرُّجُوعِ عَلَى الْمُوَكِّلِ فِيمَا وَجَبَ لِلْوَكِيلِ عَلَيْهِ. وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: فَعَلَى هَذَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ نَظَرٌ، لِأَنَّهُ أَثْبَتَ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ بِقَوْلِ بَعْضِ الْمَشَايِخِ الَّذِينَ حَدَثُوا بَعْدَ أَبِي حَنِيفَةَ بِمِائَتَيْ سَنَةٍ.
وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَتَعَرَّضْ بِأَنَّ ذَلِكَ قَوْلُ بَعْضِ الْمَشَايِخِ، فَلَعَلَّ اعْتِمَادَهُ فِي ذَلِكَ كَانَ عَلَى مَا نُقِلَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَلَى مَا نُقِلَ عَنْهُ فِي الزِّيَادَاتِ مِنْ التَّقْيِيدِ بَعْدَ التَّسْلِيمِ. ثُمَّ قَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ: إنَّمَا قَيَّدَ بِالِاسْتِهْلَاكِ لِأَنَّ بُطْلَانَ الْوَكَالَةِ مَخْصُوصٌ بِهِ، وَنُقِلَ عَنْ كُلٍّ مِنْ الذَّخِيرَةِ وَفَتَاوَى قَاضِي خَانْ مَسْأَلَةٌ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ. وَرُدَّ بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرُوا فِي شُرُوحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ حَيْثُ قَالُوا: لَوْ هَلَكَتْ الدَّرَاهِمُ الْمُسَلَّمَةُ إلَى الْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ بَطَلَتْ الْوَكَالَةُ، بَلْ إنَّمَا قَيَّدَ الْمُصَنِّفُ بِذَلِكَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الْوَكَالَةَ لَا تَبْطُلُ إذَا اسْتَهْلَكَ الْوَكِيلُ الدَّرَاهِمَ الْمُسَلَّمَةَ إلَيْهِ لِأَنَّهُ يَضْمَنُ الدَّرَاهِمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute