إذْ هُوَ حَاضِرٌ وَفِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى هُوَ غَائِبٌ، فَاعْتُبِرَ الِاخْتِلَافُ، وَقِيلَ يَتَحَالَفَانِ كَمَا ذَكَرْنَا، وَقَدْ ذَكَرَ مُعْظَمَ يَمِينِ التَّحَالُفِ وَهُوَ يَمِينُ الْبَائِعِ وَالْبَائِعُ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ أَجْنَبِيٌّ عَنْهُمَا وَقَبْلَهُ أَجْنَبِيٌّ عَنْ الْمُوَكِّلِ إذْ لَمْ يَجْرِ بَيْنَهُمَا بَيْعٌ فَلَا يُصَدَّقُ عَلَيْهِ فَيَبْقَى الْخِلَافُ، وَهَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ أَبِي مَنْصُورٍ ﵀ وَهُوَ أَظْهَرُ.
بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى فَإِنَّ الْبَائِعَ ثَمَّةَ غَائِبٌ فَاعْتُبِرَ الِاخْتِلَافُ لِعَدَمِ مَا يَرْفَعُهُ (وَقِيلَ يَتَحَالَفَانِ كَمَا ذَكَرْنَا) فَإِنْ قِيلَ: الْمَذْكُورُ فِيهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَأْمُورِ مَعَ يَمِينِهِ وَالتَّحَالُفُ يُخَالِفُهُ.
أَجَابَ بِقَوْلِهِ (وَقَدْ ذَكَرَ) يَعْنِي مُحَمَّدًا (مُعْظَمَ يَمِينِ التَّحَالُفِ وَهُوَ يَمِينُ الْبَائِعِ) لِأَنَّ الْبَائِعَ وَهُوَ الْوَكِيلُ مُدَّعٍ وَلَا يَمِينَ عَلَى الْمُدَّعِي إلَّا فِي صُورَةِ التَّحَالُفِ. وَأَمَّا الْمُشْتَرِي وَهُوَ الْمُوَكِّلُ فَمُنْكِرٌ وَعَلَى الْمُنْكِرِ الْيَمِينُ، فَلَمَّا كَانَ يَمِينُ الْوَكِيلِ هُوَ الْمُخْتَصَّ بِالتَّحَالُفِ كَانَتْ أَعْظَمَ الْيَمِينَيْنِ فَإِذَا وَجَبَتْ عَلَى الْمُدَّعِي فَعَلَى الْمُنْكِرِ أَوْلَى (قَوْلُهُ وَالْبَائِعُ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ) جَوَابٌ عَنْ قَوْلِهِ ارْتَفَعَ الْخِلَافُ بِتَصْدِيقِ الْبَائِعِ بِأَنَّ الْبَائِعَ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ أَجْنَبِيٌّ عَنْهُمَا وَقَبْلَهُ أَجْنَبِيٌّ عَنْ الْمُوَكِّلِ إذْ لَا عَقْدَ بَيْنَهُمَا فَلَمْ يَكُنْ كَلَامُهُ مُعْتَبَرًا فَبَقِيَ الْخِلَافُ وَالتَّحَالُفُ. قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَهَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ أَبِي مَنْصُورٍ وَهُوَ أَظْهَرُ) قَالَ فِي الْكَافِي: وَهُوَ الصَّحِيحُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute