(وَمَنْ قَالَ لِعَبْدٍ اشْتَرِ لِي نَفْسَك مِنْ مَوْلَاك فَقَالَ لِمَوْلَاهُ بِعْنِي نَفْسِي لِفُلَانٍ بِكَذَا فَفَعَلَ فَهُوَ لِلْآمِرِ)؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ يَصْلُحُ وَكِيلًا عَنْ غَيْرِهِ فِي شِرَاءِ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ عَنْ مَالِيَّتِهِ، وَالْبَيْعُ يُرَدُّ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مَالٌ إلَّا أَنَّ مَالِيَّتَهُ فِي يَدِهِ حَتَّى لَا يَمْلِكَ الْبَائِعُ الْحَبْسَ بَعْدَ الْبَيْعِ
يَعْنِي أَنْ يُوَكِّلَ أَجْنَبِيٌّ أَجْنَبِيًّا بِشِرَاءِ الْعَبْدِ مِنْ مَوْلَاهُ حَيْثُ لَا يُشْتَرَطُ عَلَى الْوَكِيلِ أَنْ يَقُولَ وَقْتَ الشِّرَاءِ اشْتَرَيْته لِمُوَكِّلِي لِوُقُوعِ الشِّرَاءِ لِلْمُوَكِّلِ، لِأَنَّ الْعَقْدَيْنِ: يَعْنِي الَّذِي يَقَعُ لَهُ وَاَلَّذِي لِلْمُوَكِّلِ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ وَهُوَ الْمُبَايَعَةُ، وَفِي الْحَالَيْنِ: أَيْ حَالِ الْإِضَافَةِ إلَى نَفْسِهِ وَالْإِضَافَةِ إلَى مُوَكِّلِهِ تَتَوَجَّهُ الْمُطَالَبَةُ نَحْوَ الْعَاقِدِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى الْبَيَانِ، أَمَّا مَا نَحْنُ فِيهِ فَإِنَّ أَحَدَهُمَا إعْتَاقٌ يَعْقُبُ الْوَلَاءَ وَلَا مُطَالَبَةَ فِيهِ عَلَى الْوَكِيلِ لِأَنَّهُ سَفِيرٌ وَالْمَوْلَى عَسَاهُ لَا يَرْضَاهُ: أَيْ لَا يَرْضَى الْإِعْتَاقَ لِأَنَّهُ يَعْقُبُ الْوَلَاءَ وَمُوجِبُ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ وَرُبَّمَا يَتَضَرَّرُ بِهِ وَالْآخَرُ مُعَاوَضَةٌ مَحْضَةٌ، وَالْمُطَالَبَةُ عَلَى الْوَكِيلِ وَالْمَوْلَى عَسَاهُ يَرْغَبُ فِي الْمُعَاوَضَةِ الْمَحْضَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْبَيَانِ، وَشَبَّهَ الْمُصَنِّفُ عَسَى بِكَادَ فَاسْتَعْمَلَهُ اسْتِعْمَالَهُ.
وَقَوْلُهُ (وَلَا مُطَالَبَةَ عَلَى الْوَكِيلِ) هُوَ رِوَايَةُ كِتَابِ الْوَكَالَةِ فِي بَابِ الْوَكَالَةِ بِالْعِتْقِ أَنَّ الْعَبْدَ يَعْتِقُ وَالْمَالُ عَلَى الْعَبْدِ دُونَ الْوَكِيلِ. وَذَكَرَ فِي بَابِ الْوَكَالَةِ الْمَأْذُونَ وَالْمُكَاتَبَ مِنْ كِتَابِ الْوَكَالَةِ أَنَّ الْعَبْدَ يَعْتِقُ وَالْمَالُ عَلَى الْوَكِيلِ. وَهَكَذَا ذُكِرَ فِي وَكَالَةِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ. وَوَجْهُهُ أَنَّ تَوَكُّلَهُ بِشِرَاءِ الْعَبْدِ لِلْعَبْدِ كَتَوَكُّلِهِ بِشِرَائِهِ لِغَيْرِهِ، وَهُنَاكَ يَصِيرُ هُوَ الْمُطَالَبَ بِتَسْلِيمِ الْبَدَلِ فَكَذَا هَاهُنَا. وَوَجْهُ الْأَوَّلِ وَهُوَ الصَّحِيحُ أَنَّ الْوَكِيلَ مِنْ جَانِبِ الْعَبْدِ فِي عِتْقِهِ سَفِيرٌ فَإِنَّهُ لَا يَسْتَغْنِي عَنْ إضَافَةِ الْعَقْدِ إلَى الْآمِرِ وَلَيْسَ إلَيْهِ مِنْ قَبْضِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ شَيْءٌ فَلَا يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْمُطَالَبَةِ بِتَسْلِيمِ الْبَدَلِ.
قَالَ (وَمَنْ قَالَ لِعَبْدٍ اشْتَرِ لِي نَفْسَك مِنْ مَوْلَاك إلَخْ) هَذِهِ هِيَ الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ. وَمَنْ وَكَّلَ عَبْدًا بِشِرَاءِ نَفْسِهِ مِنْ مَوْلَاهُ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يُضِيفَ الْعَقْدَ إلَى مُوَكِّلِهِ أَوْ إلَى نَفْسِهِ أَوْ أَطْلَقَ، فَإِنْ أَضَافَهُ إلَى مُوَكِّلِهِ بِأَنْ قَالَ بِعْنِي نَفْسِي لِفُلَانٍ بِكَذَا فَفَعَلَ الْمَوْلَى ذَلِكَ فَالْعَقْدُ أَوْ الْعَبْدُ لِلْآمِرِ، لِأَنَّ الْعَبْدَ يَصْلُحُ وَكِيلًا عَنْ غَيْرِهِ فِي شِرَاءِ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ عَنْ مَالِيَّتِهِ لِأَنَّهَا لِمَوْلَاهُ، حَتَّى لَوْ أَقَرَّ بِهَا لِغَيْرِهِ لَمْ يَصِحَّ، وَلَهُ عِبَارَةٌ مُلْزِمَةٌ كَالْحُرِّ وَالْبَيْعُ يُرَدُّ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مَالٌ فَكَانَ تَوْكِيلُهُ بِشِرَائِهَا كَتَوْكِيلِهِ بِغَيْرِهِ مِنْ أَمْوَالِ الْمَوْلَى وَكَتَوْكِيلِ أَجْنَبِيٍّ بِشِرَاءِ نَفْسِهِ (إلَّا أَنَّ مَالِيَّتَهُ) يَعْنِي هُوَ أَجْنَبِيٌّ عَنْ مَالِيَّتِهِ إلَّا أَنَّهَا بِيَدِهِ، حَتَّى لَوْ أَرَادَ الْمَوْلَى أَنْ يَحْبِسَهُ بَعْدَ الْبَيْعِ لِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ كَالْمُودَعِ إذَا اشْتَرَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute