للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَذَا لِلْمَوْلَى حَقٌّ فِي كَسْبِ الْمُكَاتَبِ وَيَنْقَلِبُ حَقِيقَةً بِالْعَجْزِ. وَلَهُ أَنَّ مَوَاضِعَ التُّهْمَةِ مُسْتَثْنَاةٌ عَنْ الْوَكَالَاتِ، وَهَذَا مَوْضِعُ التُّهْمَةِ بِدَلِيلِ عَدَمِ قَبُولِ الشَّهَادَةِ وَلِأَنَّ الْمَنَافِعَ بَيْنَهُمْ مُتَّصِلَةٌ فَصَارَ بَيْعًا مِنْ نَفْسِهِ مِنْ وَجْهٍ، وَالْإِجَارَةُ وَالصَّرْفُ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ.

لِأَنَّهُ بَيْعٌ مِنْ نَفْسِهِ، لِأَنَّ مَا فِي يَدِ الْعَبْدِ لِمَوْلَاهُ، وَالْبَيْعُ مِنْ نَفْسِهِ غَيْرُ جَائِزٍ لِأَنَّ الْوَاحِدَ إذَا تَوَلَّى طَرَفَيْهِ كَانَ مُسْتَزِيدًا مُسْتَنْقِصًا قَابِضًا مُسْلِمًا مُخَاصِمًا فِي الْعَيْبِ، وَفِي ذَلِكَ مِنْ التَّقَابُلِ الَّذِي لَا يَتَحَقَّقُ قِيَامُ مُقَابِلِيهِ بِمَحَلٍّ وَاحِدٍ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ، وَكَذَا لِلْمَوْلَى حَقٌّ فِي أَكْسَابِ الْمُكَاتَبِ حَتَّى لَا تَصِحَّ تَبَرُّعَاتُهُ وَلَا تَزْوِيجُ عَبْدِهِ وَيَنْقَلِبُ حَقِيقَةً بِالْعَجْزِ فَصَارَ كَالْعَبْدِ.

وَلِأَبِي حَنِيفَةَ الْقَوْلُ بِالْمُوجِبِ: يَعْنِي سَلَّمْنَا أَنَّ التَّوْكِيلَ مُطْلَقٌ، لَكِنَّ مَوَاضِعَ التُّهْمَةِ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ الْوَكَالَاتِ لِأَنَّهَا شُرِعَتْ لِلْإِعَانَةِ فَكَانَتْ مَوْضِعَ أَمَانَةٍ، وَهِيَ مَوْجُودَةٌ هَاهُنَا بِدَلِيلِ عَدَمِ قَبُولِ الشَّهَادَةِ، وَلِأَنَّ الْمَنَافِعَ بَيْنَهُمْ مُتَّصِلَةٌ فَصَارَ بَيْعًا مِنْ نَفْسِهِ مِنْ وَجْهٍ فَكَانَ فِيهِ تُهْمَةُ إيثَارِ الْعَيْنِ. فَإِنْ قِيلَ: مَا الْفَرْقُ لِأَبِي حَنِيفَةَ فِي تَجْوِيزِ بَيْعِ الْمُضَارِبِ مِنْ هَؤُلَاءِ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ ظَهَرَ الرِّبْحُ أَوْ لَمْ يَظْهَرْ مَعَ أَنَّ لَهُ قَبْلَ ظُهُورِهِ حُكْمَ الْوَكِيلِ؟ أُجِيبَ بِأَنَّ الْمُضَارِبَ أَعَمُّ تَصَرُّفًا مِنْ الْوَكِيلِ، فَقَدْ يَسْتَبِدُّ بِالتَّصَرُّفِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَمْلِكُ رَبُّ الْمَالِ نَهْيَهُ، كَمَا إذَا صَارَ الْمَالُ عُرُوضًا فَجَازَ أَنْ يَجُوزَ تَصَرُّفُهُ مَعَ هَؤُلَاءِ نَظَرًا إلَى جِهَةِ اسْتِبْدَادِهِ، وَالْإِجَارَةُ وَالصَّرْفُ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ، وَإِنَّمَا خَصَّهُمَا بِالذِّكْرِ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ شُرِعَتْ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ وَالصَّرْفُ مَشْرُوطٌ بِشُرُوطٍ عَرَى

<<  <  ج: ص:  >  >>