للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْبَيْعُ بِالْغَبْنِ أَوْ بِالْعَيْنِ مُتَعَارَفٌ عِنْدَ شِدَّةِ الْحَاجَةِ إلَى الثَّمَنِ وَالتَّبَرُّمِ مِنْ الْعَيْنِ، وَالْمَسَائِلُ مَمْنُوعَةٌ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَى مَا هُوَ الْمَرْوِيُّ عَنْهُ

الْبَيْعُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ وَبِالنُّقُودِ وَلِهَذَا يَتَقَيَّدُ الْوَكِيلُ بِشِرَاءِ الْفَحْمِ بِأَيَّامِ الْبَرْدِ، وَبِالْجَمْدِ بِسُكُونِ الْمِيمِ: مَا جَمَدَ مِنْ الْمَاءِ لِشِدَّةِ الْبَرْدِ، تَسْمِيَةٌ لِلِاسْمِ بِالْمَصْدَرِ بِأَيَّامِ الصَّيْفِ، وَبِالْأُضْحِيَّةِ بِأَيَّامِ النَّحْرِ أَوْ قَبْلَهَا، كُلُّ ذَلِكَ مِنْ تِلْكَ السَّنَةِ، حَتَّى لَوْ اشْتَرَى ذَلِكَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ لَمْ يَلْزَمْ الْآمِرَ، وَلِأَنَّ الْبَيْعَ بِغَبَنٍ فَاحِشٍ بَيْعٌ مِنْ وَجْهٍ هِبَةٌ مِنْ وَجْهٍ، وَلِهَذَا لَوْ حَصَلَ مِنْ الْمَرِيضِ كَانَ مِنْ الثُّلُثِ وَالْأَبُ وَالْوَصِيُّ لَا يَمْلِكَانِهِ، وَكَذَا الْمُقَايَضَةُ بَيْعٌ مِنْ وَجْهٍ وَشِرَاءٌ مِنْ وَجْهٍ لِأَنَّهُ مِنْ حَيْثُ إنَّ فِيهِ إخْرَاجَ السِّلْعَةِ مِنْ الْمِلْكِ بَيْعٌ، وَمِنْ حَيْثُ إنَّ فِيهِ تَحْصِيلَ السِّلْعَةِ فِي الْمِلْكِ شِرَاءٌ فَلَا يَتَنَاوَلُهُ مُطْلَقُ اسْمِ الْبَيْعِ لِأَنَّ الْمُطْلَقَ يَنْصَرِفُ إلَى الْكَامِلِ.

وَلِأَبِي حَنِيفَةَ الْقَوْلُ بِالْمُوجِبِ أَيْ سَلَّمْنَا أَنَّ التَّوْكِيلَ بِالْبَيْعِ مُطْلَقٌ لَكِنَّ الْمُطْلَقَ يَجْرِي عَلَى إطْلَاقِهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ التُّهْمَةِ فَيَتَنَاوَلُ كُلَّ مَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ الْبَيْعُ (قَوْلُهُ وَالْبَيْعُ بِالْغَبَنِ) تَنْزِلُ فِي الْجَوَابِ: يَعْنِي سَلَّمْنَا أَنَّ الْمُطْلَقَ يَتَقَيَّدُ بِالْمُتَعَارَفِ، لَكِنَّ الْبَيْعَ بِالْغَبَنِ أَوْ بِالْعَيْنِ: أَيْ الْعَرْضِ مُتَعَارَفٌ عِنْدَ شِدَّةِ الْحَاجَةِ إلَى الثَّمَنِ لِتِجَارَةٍ رَابِحَةٍ أَوْ لِغَيْرِهَا، وَعِنْدَ التَّبَرُّمِ مِنْ الْعَيْنِ وَعِنْدَ ذَلِكَ لَا يُبَالَى بِقِلَّةِ الثَّمَنِ وَكَثْرَتِهِ، فَكَانَ الْعُرْفُ مُشْتَرَكًا لَا يَصْلُحُ دَلِيلًا لِأَحَدِ الْخَصْمَيْنِ، بَلْ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ يَكُونُ دَاخِلًا تَحْتَ مَا يَدَّعِيهِ الْخَصْمُ فَيَنْدَفِعُ نِزَاعُهُ أَوْ تَظْهَرُ مُكَابَرَتُهُ. وَالْمَسَائِلُ الْمَذْكُورَةُ مَرْوِيَّةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ.

وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَهِيَ عَلَى إطْلَاقِهَا وَالْبَيْعُ بِالْغَبَنِ أَوْ الْعَيْنِ بَيْعٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، حَتَّى أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ يَحْنَثُ بِالْبَيْعِ بِالْغَبَنِ أَوْ الْعَيْنِ فَلَمَّا جَعَلَ هَذَا بَيْعًا مُطْلَقًا فِي الْيَمِينِ جَعَلَ فِي الْوَكَالَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>